الأعرجي و التصريح الخبيث

بواسطة شريف عبد العزيز قراءة 565

الأعرجي و التصريح الخبيث

الخبر: قام النائب الشيعي المنتمي للتيار الصدري بالعراق بالتطاول علي شخص الخليفة الراشد أبي بكر الصديق في تصريحات صحفية.

التعليق:

 شريف عبد العزيز

مفكرة الإسلام: مشهدان من التاريخ الإسلامي ، كانت الواقعة فيهما متشابهة ، ولكن الحكم فيهما اختلف عن الأخر ، بسبب طبيعة العصر وحال الأمة الإسلامية وقتها ، الحادث الأول وقع سنة   381هجرية وفيها تم التشهير برجل مغربي في شوارع القاهرة ، بإركابه مقلوباً علي حمار مهاناً يضرب بالنعال والسياط ، وينادي عليه : هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر ، ومن بعده أخذ وضربت عنقه ، والحادث الثاني وقع سنة 766 هجرية وجد بالجامع الأموي رجل اسمه محمود بن إبراهيم الشيرازي وهو يسب الشيخين ، ويصرح بلعنهما ، فرفع إلي القضاء فاستتابوه عدة أيام فأصر علي السب واللعن ، فحكموا عليه بالقتل ، فضربت عنقه بظاهر البلد .  

نحن بالقطع لسنا في حاجة لأن نبين أسباب الاختلاف بين الحادثتين ، لأننا نعلم تاريخياً أن الحادث الأول وقع في ظل حكم الدولة العبيدية الخبيثة التي ظلت مثل الورم السرطاني في جسد الأمة لأكثر من قرنين من الزمان ،والتي كان شعارها التشيع والرفض وباطنها الكفر والزندقة والإلحاد ، ونظير تلك الحادثة وقع كثيراً لأهل السنة في مصر علماء وعامة ، كما نحن أيضا لسنا في حاجة لبيان سبب ضرب عنق الرافضي الذي سب الشيخين في دمشق وأصر علي كفره ورفضه ، ذلك أن الدولة المملوكية السنية هي التي كانت تحكم البلاد وقتها ، والمماليك مشهورون بحبهم واحترامهم للصحابة جميعاً ، وفي أيامها لم يكن يسمح بأمثال هذه الإساءات بحق الصحابة أو العلماء والأئمة .

الديمقراطية العرجاء

جاءت تصريحات النائب الشيعي عن التيار الصدري في مجلس النواب العراقي بهاء الأعرجي الأخيرة والتي تعرض فيها بالإساءة لأعظم صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، لتعيد للذكريات العراقية والعربية كل حوادث وإساءات الرافضة بحق خير خلق الله بعد رسله وأنبيائه ، وهي عادة ما تظهر في فترات تسلط الرافضة علي مقدرات الحكم في أي بلد إسلامي ، ونحن لن نتوقف عند تلك التصريحات لأن صاحبها أحقر وأذل وأوضع من أن نقف عنده لنسأله عن دوافعه ، وما حمله علي ذلك ، فهي لا تحتاج إلي مبرر ، فالحقد والغل والكره أدواء قلب كل رافضي علي وجه الأرض ، ومن لوازم حياته وأبجديات شخصيته ، لكن ستقف عند عدة نقاط وتساؤلات يجب أن نثيرها عند أمثال هذه الحوادث .

فهذه الإساءة الخبيثة صدرت في ظل حكومة بلد محتل ، تصاغ له نظم جديدة ، يرجو من ورائها أن يكون أنموذجاً في تطبيق الديمقراطية الأمريكية بكل آلياته ووسائله وتطبيقاته ، وفي وقت قد فرغ فيه الطائفيون الموالون لمشروع الهيمنة الأمريكي والإيراني في العراق من مجزرة انتخابية طالت كل زعماء السنة بهدف تفريغ الوجود السني من التواجد السياسي والقيادي في شئون البلد ، فيما عرف بمهزلة اجتثاث البعث ، والتي بموجبها وتحت إشراف إيراني كامل واعتراض أمريكي خجول من باب ذر الرماد في العيون ، استبعاد مئات المرشحين السنة ، وكل ذلك باسم الديمقراطية الجديدة ، وحماية العراق من عودة حزب البعث للحكم من الأبواب الخلفية كما يدعون .

والسؤال هل رجال مثل المطلق والعاني والعبيدي وغيرهم خطر علي العرق ويهددون أمنه ومستقبله ، ورجال من عينة الأعرجي الذي يسب خير الأمة بعد رسولها ، مستهيناً بمشاعر مئات الملايين من المسلمين ، في بلد شديد الاحتقان ، يعلم علم اليقين عاقبة هذه الإساءات بين أهله الذين لا يطيقون أمثالها ، هل هذا الرجل لا يمثل تهديد لأمن العراق واستقراره ، وأليس من استحقاقات الديمقراطية الجديدة أن يتم استبعاد هذا المرشح البغيض الطائفي لخطورته علي أمن البلاد ، أم أنها الديمقراطية العرجاء التي لا تري خطورة إلا في مرشحي السنة فقط !

الإعلاميون العرج

منذ فترة وجيزة شن الإعلاميون الليبراليون في العديد من دول الخليج حرباً ضروساً علي الشيخ العريفي علي خلفية هجومه علي السيستاني ودوره في تسهيل احتلال أمريكا العراق ، وانتهزت كتائب التطبيع والتغريب الفرصة في النيل من الدعوة والدعاة والعلماء وكل ما هو إسلامي ظناً منهم أن الفرصة قد واتتهم لتحقيق أهدافهم التي لم تعد خافية علي أحد من محاربة التوجه الإسلامي ، علي الرغم من أن هذه الكتائب كانت من قبل تسن أقلامهم وتحشد صفحات جرائدها ومواقعها للنيل من كل ما يمت لإيران من أجل عيون أمريكا وإسرائيل ــ هذا علي فرض أن أمريكا وإسرائيل في حالة عداء مع إيران ــ وأعطت هذه الكتائب صفقة أيديهم لشاتمي الصحابة والصالحين ، واتفقت مصالحهم علي النيل من أحد دعاة السلفية التي يعتبرها الروافض من لف لفهم من أعدي الأعداء وأشد الخصماء .

هؤلاء الإعلاميون أنفسهم قد انعقدت ألسنتهم ، وخرست أصواتهم ، وغاب البيان وصادم الكلام عن قريحتهم ، فلم نحس منهم من أحد أو نسمع لهم ركزاً ، كأن القضية لا تهم ، وكأن المشتوم هو آحاد الناس أو عامتهم ، ولا أقول لو كان المشتوم رئيس دولة أو أميرها ، بل لو كان المشتوم أحد الفنانين أو المطربين أو الراقصات لوجدت من كتيبة الراشد والدخيل وحليمة وخاشقجي وغيرهم من يرد عن عرض المشتوم ، فأين دور الإعلام النزيه الذي يصف نفسه بالحيادية والأمانة والموضوعية ، أم أنه إعلام أعرج وإعلاميون عرج لا يرون إلا ما  تري أمريكا وإيران ولا يسمعون إلا  ما تسمع أمريكا وإيران .

وعرج آخرون

وليست الديمقراطية وحدها العرجاء ، وكذلك ليس إعلاميو الفتنة والصيد في الماء العكر وحدهم العرج ، بل هناك عرج كبير داخل الأمة الإسلامية ، تمثل في غياب المرجعية الإسلامية العليا التي تنتفض لمثل هذه الإساءات ، وتذب عن عرض سادتها وأئمتها ، في وجه أمثال هذه الجرائم ، فقد رأينا كيف ثار الشيعة الرافضة أفراداً وحكومات غضباً لخيانة الله العظمي المأفون الإيراني ، وكيف سارعت حكومة الكويت الرشيدة في الإعلان عن غضبها العرم ضد العريفي وكل من ناصره ووافقه فمنعته ومنعت معه الكلباني وغيره من دخول الكويت ــ كأنه شرف سيحرمون منه ــ ورأينا كيف أرعد الدمية الطائفي رئيس حكومة الاحتلال ــ المالكي ــ وأزبد وهدد وتوعد ، كأنه منذر جيش صبحكم مساكم ، في حين صمتت حكومة الكويت فلم تأخذ أي قرار سريع مثلما حدث مع العريفي ، وصمتت مع حكومة الكويت سائر حكومات الدول العربية الإسلامية ، كأن السيستاني أشد حرمة وأعلي كرامة ــ حاشا لله ــ من الخليفة الراشد وخليل رسول الله أبي بكر الصديق ، وكأن بالصحابة قد أصبحوا مثل الأيتام علي موائد اللئام لا يجدون من ينصرهم ويذب عن أعراضهم ، وهم الذين حملوا لنا الدين وفتحوا لنا البلاد ، وأقاموا لنا أمة عظيمة الأمجاد .

حقيقة أن الإساءة كانت أليمة وجارحة إلا أنها قد كشفت لنا عن الكثير من الحقائق والوقائع ، أهمها حجم النفوذ الإيراني والشيعي في بلادنا العربية عامة ودول الخليج خاصة ، كما أنها كشفت عن حجم نفاق إعلامي الفتنة من كتيبة التطبيع و العلمنة ، وكشفت لنا وبكل أسف عن غياب مشروع قومي إسلامي واضح للرد عن الإساءات والإهانات المتكررة ضد رموز الأمة من أعلاها لأدناها ، وتلك هي المأساة الحقيقية .  

 

 



مقالات ذات صلة