حماقة المالكي في الأنبار

بواسطة العرب القطرية قراءة 1246
حماقة المالكي في الأنبار
حماقة المالكي في الأنبار

اياد الدليمي

2-1-2013

مرة أخرى يثبت رئيس وزراء العراق نوري المالكي أنه لا يفقه في السياسة شيئا، وأنه رجل ارتجالي وتتحكم به عقلية متحجرة، ومحاط بمستشارين أقل ما يقال عنهم إنهم لا يفقهون بأمور العراق شيئا.

ومرة أخرى يثبت المالكي أنه عبارة عن ألعوبة بأيد أطراف خارجية وصلت بها الوقاحة إلى أن تجعل منه كبش فداء ووقود محرقة أكبر بكثير من حجم المالكي. لا يمكن أن توصف عملية دفع القوات الحكومية لفض اعتصامات الأنبار غرب العراق إلا بأنها حماقة، وحماقة كبرى، كان يتوقع لها المالكي أن تكون رافعة له في الانتخابات القادمة، غير أنَّ واقع الأمر يؤكد أنها ستكون المسمار الأخير في نعشه ووجوده بالمنطقة الخضراء، مسمار دقه هو وليس أحد غيره.

لقد تفاجأ المالكي، كما تفاجأت قواته، بالاستعدادات الكبيرة التي اتخذتها عشائر الأنبار لمثل هذا اليوم، وتكبدت قواته خسائر كبيرة وكبيرة جدا، هذا بالإضافة إلى خسارة المزيد من رصيده لدى جمهوره، والذي زج بجزء كبير من أبنائهم إلى أتون معركة، ظن هو أنها سهلة، غير أن واقع الحال أثبت أنها ليست كذلك، وربما ستكون مرحلة مفصلية ليس في تاريخ المالكي السياسي وحسب وإنما في تاريخ العملية السياسية العرجاء التي شكلها الاحتلال الأميركي في العراق عقب عام 2003، وأكثر من ذلك، فإنها ستكون مرحلة حاسمة لرسم صورة عراق ما بعد غزوة المالكي الطائشة على الأنبار.

ولعل من المفيد أن نوجه نحن سنة العراق، كلمة شكر إلى المالكي، فبغبائه السياسي، ساعدنا على أن نجد أنفسنا، بعد عشرة أعوام من المتاهة في دهاليز السياسة والحرب، فلأول مرة يجد السنة في العراق أنفسهم متوحدين، وحدة فشلت الأعوام العشرة ويزيد في تحقيقها، لتكون خسارة أخرى تضاف إلى خسائر المالكي عقب غزوته الفاشلة على الأنبار.

اليوم هناك حالة جديدة بدأت تتشكل ليس في الأنبار وحدها وإنما في عموم المدن السنية بالعراق، حيث شرعت كل المدن الأخرى، صلاح الدين وديالى وكركوك والموصل وأطراف بغداد، بتنفيذ سلسلة من العمليات المسلحة ضد قوات المالكي نصرة لأهل الأنبار، الأمر الذي يمكن أن يؤشر إلى إمكانية فقدان المالكي السيطرة، ليس على الأنبار وحدها وإنما على محافظات أخرى، خاصة إذا ما استمر زخم العمليات المسلحة والمواجهات بين ثوار العشائر وقوات المالكي لأيام أخرى.

المالكي يعتمد في حربه على سنة العراق، على الزمن، وهو يريدها حربا طويلة لاستنزاف قدرات العشائر، غير أن ذلك أيضاً قد لا يكون متاحا أمامه، خاصة أن الأنباء الواردة من الأنبار تؤكد أن العشرات وربما المئات من قواته يسلمون أنفسهم إلى العشائر بمجرد بدء أية مواجهة معهم، يضاف إليها أعداد أخرى في مناطق متفرقة من مدن العراق السنية أبلغت العشائر بأنها لا تريد القتال وأنها على استعداد لتسليم السلاح, شرط أن تؤمن العشائر سبل هروبها.

إننا اليوم إزاء مشهد ينبئ بأن حماقة المالكي هذه المرة لن تمر مرور الكرام، بل إن لها ما بعدها، ولعل من بين الأمور التي سترشح قريبا على السطح، تشكيل نواة قوة إقليمية في العراق، تتمثل بالأنبار ومدن عراقية أخرى، ستكون قادرة على فرض شروطها على المالكي, الذي ظهر من بيانه أمس الأول الثلاثاء، أنه بدأ يدرك أن قواته تنهزم، وأنها تتكبد خسائر كبيرة، فأمر بسحب القوات من المدن، وإن قرأ فيها البعض أنها خطوة تكتيكية.

ينسى المالكي أن العراق ما زال بلدا عشائريا بامتياز، وأن علاقات العشائر العراقية في بعض الأحيان تكون أكبر حتى من الدين والمذهب.

العشائر العراقية في الجنوب، حتى وإن بدا أنها تؤيد المالكي في حملته على الأنبار، إلا أنها ستدرك سريعا وبعد أن ترى صور أبنائها الأسرى بيد عشائر الأنبار، معززين مكرمين، أنها غير قادرة على مواصلة الدعم للمالكي.

كما نسي المالكي أو تناسى أن الأنبار لا يمكن أن تكون صيدا سهلا، كون سنة العراق يعتبرونها قدسهم, والتي لا يجب أن تنكسر, وهو ما دفعهم إلى نصرتها.طبعا هنا لا أريد أن أذكر أن الحاكم الذي يقتل شعبه خائن، كما قال إخوتنا السوريون، لأن المالكي وببساطة قتل من العراقيين وطيلة سنوات حكمه الآلاف، وبالتالي فإنه قد حاز هذا اللقب منذ وقت ليس بالقصير، وعن جدارة واستحقاق.

المصدر: العرب القطرية

 



مقالات ذات صلة