الاعتداء على أشقائنا الفلسطينيين

بواسطة د طه الدليمي قراءة 1562

الاعتداء على أشقائنا الفلسطينيين

 

 د طه الدليمي

 

من خلال معايشتي للوسط الشيعي لمست منهم ضعفاً في التعاطف مع العرب وقضاياهم. فحين تتحدث مع الشيعي عن فلسطين ومآسي أهلها، وضرورة العمل على تحريرها، يجيبك بالجواب المعهود محاولاً تغيير وجهة الحديث: "يا أخي أين نحن من فلسطين؟ وأين فلسطين منا؟ دعنا نعيش، نملأ بطوننا الفارغة خبزاً". كما كنت ألاحظ كرههم الشديد لإخواننا المصريين، الذين كانوا في العراق. وكنت أفسر هذا لسببين: الأول: الشعوبية الفارسية وتأثر الشيعة بها. والثاني: الاختلاف في المذهب أو الدين. وبسبب الشعوبية الفارسية لدى الشيعة؛ فإن كرههم لفلسطين والفلسطينيين ربما يأخذ حجماً أكبر؛ لكون القضية الفلسطينية صارت رمزاً للقضية العربية، ومركزاً لكل قضايا العرب، ومحوراً يشدهم ويجمعهم. حتى سميت القضية الفلسطينية بـ(القضية المركزية).

تجلى هذا الكره الشعوبي لأشقائنا الفلسطينيين واضحاً بعد الاحتلال. ولكنه تدرج في ظهوره - والتدرج من طبيعة كل الأمور: خيرها وشرها - حتى استعلن واضحاً بعد بضعة شهور، ثم استهتر تماماً بعد حادث سامراء. 

الشحن الطائفي

"ظهرت في تلك الفترة بعض الأحقاد والضغائن الفردية بدوافع عنصرية وطائفية، عملت بعض وسائل الإعلام وتصريحات بعض الساسة الطائفيين وأتباعهم المتحاملين على الوجود العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً على تنميتها؛ مما أصبح مؤشراً مقلقاً فيما تحمله الأيام القادمة من متغيرات ومواقف إزاء الوجود الفلسطيني في العراق على المستويات الرسمية والشعبية. ونذكر على سبيل المثال ما جاء في مقال لبهاء الموسوي على موقع الفرات (وهو مجلة ألكترونية شهرية) على شبكة الإنترنت بتاريخ (19/9/2003) تحت عنوان (ماذا عن المستوطنين الفلسطينيين في العراق). وبعد أن ذكر سلسلة من الافتراءات والأوهام، تنم عن حقد وعدم معرفة بعدد وحقيقة الوجود الفلسطيني في العراق، وطبيعة معيشتهم وملابسات وجودهم قال: (لذلك عليها أن تخرج من العراق وتطرد خارج أسواره). وقبل ذلك بيومين كان له مقال بعنوان (بعد اعتقال 80 إرهابي، يجب طرد الإرهابيين والمستوطنين الفلسطينيين من أرضنا) "([1]). 

عمليات التهجير الواسعة ومخيم نادي حيفا

"تميز عام (2003) بطرد وتهجير أكثر من (400) عائلة من مناطق متفرقة في بغداد، وإنشاء مخيم لهم في نادي حيفا الرياضي في منطقة البلديات، استمر لمدة سنتين، في ظل ظروف مأساوية صعبة جداً"([2]). علماً أن التهجير بدأ بعد أيام من احتلال بغداد. وتطورت الأمور شيئاً فشيئاً إلى أن وصلت حد الهجوم العلني في وضح النهار على العوائل الآمنة من قبل المليشيات والحرس الوطني (الشيعي) والأجهزة الأمنية الأخرى.  

انتهاكات أخرى في عام 2003

"شهد عام (2003) عدة انتهاكات للفلسطينيين في العراق منها:

- قصف السفارة الفلسطينية واقتحامها واعتقال موظفيها بما فيهم السفير والدبلوماسيون لمدة سنة كاملة.

- قصف أكبر مجمع للفلسطينيين في منطقة البلديات بقنابل عنقودية وصواريخ ألحق أضراراً كبيرة في بعض الشقق والسيارات التي احترقت بما فيها من أثاث"([3]).

- قتل العديد من الفلسطينيين بقصد طائفي. وممن قتل منهم المرحوم حسام الدين الأسعد في يوم (10/7/2003)، أمام زوجته وأولاده([4])!

وانتهى المطاف بإخواننا الفلسطينيين - على يد مليشيات إيران وأتباعها - إلى الخروج من بيوتهم، وفقدان مصالحهم ومصادر عيشهم، وتفرق شملهم، والتشرد في بقاع الأرض، في موجة أخرى من موجات التهجير والعيش في المنافي الغريبة: فمنهم من تمكن من الوصول إلى بلد أوربي أو غربي ليعيش أو ليضيع هناك، ومنهم من وجد له مكاناً في منفى آخر في بقعة أخرى. ومنهم من وجد له خيمة في الصحراء قرب مركز الوليد الحدودي بين العراق وسوريا، في منظر تتقطع له القلوب ونحن نمر بالقرب منهم في الطريق بيننا وبين الشام. يقول الرائي: أيعقل هذا؟ كل البلدان العربية ومساحاتها الشاسعة المليونية ضاقت بمئات من العوائل التي تشاركهم أخوة الدم والدين أن تجد لها مأوى في طرف أو زاوية آمنة فيها، يعيش الإنسان فيها حياة كريمة تليق ببني البشر! فإنا لله وإنا إليه راجعون.

هذا ما فعله بنو صفيون بإخواننا الفلسطينيين حين تمكنوا منهم. ما الفرق بينه وبين ما فعله بنو صهيون بهم؟

 



مقالات ذات صلة