17-08-2013
يبدو أن خسائر ما يسمى بحزب الله اللبناني الشيعي في سوريا, والتي بدأت بالتزايد الكبير في الآونة الأخيرة, وما ترتب عليها من انخفاض كبير في معنويات أتباعه ومؤيديه, الأمر الذي دفع الكثيرين للتردد والخوف من الالتحاق بتلك الجبهة, كانت السبب الأهم والأقوى للجوء إلى حادث يعيد الحماس والحرارة الطائفية على الجبهة السورية, فكان التفجير الذي وقع في منطقة الضاحية الجنوبية.
لقد كان الحزب بحاجة –على ما يبدو– إلى صدمة قوية لإعادة الروح إلى تلك الجبهة التي فقدت زخمها في الآونة الأخيرة, وإلى حادث يتسبب بوقوع بعض الضحايا من القتلى والجرحى, لينفخ في جمر الطائفية البغيضة في سوريا, تلك الجمرة التي تعمل السياسة الإيرانية على إيقادها وإشعالها دائما, لضمان استمرار بقائها ووجودها.
وبالرغم من نفي الجيش السوري الحر صلته بالتفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية, وبالرغم من تصريح المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد, الذي ندد بهذه العملية, واعتبرها عملا إجراميا يستهدف المدنيين, غير مستبعد ضلوع مخابرات نظام بشار والمخابرات الإيرانية بالتفجير, ومنوها لعدم انتماء المجموعة التي أطلقت على نفسها اسم (سرايا عائشة أم المؤمنين للمهام الخارجية) للجيش الحر, والتي تبنت التفجير في شريط مصور.
رغم كل ذلك لم يتردد نصر الله في خطابه الأخير أمس, باستغلال الحادثة للتجييش الدموي والطائفي ضد الشعب السوري, في إصرار منه على الباطل, وولوغ في دماء السوريين أكثر فأكثر, الأمر الذي يوحي بافتعال الحادث لأغراض سياسية تحريضية.
فقد أعلن الأمين العام لما يسمى بحزب الله الشيعي في لبنان حسن نصر الله أمس, استعداده للتوجه شخصيا إلى سوريا, والقتال في مواجهة من وصفهم (الإرهابيين التكفيريين), الذين رجح أن يكونوا خلف تفجير بسيارة مفخخة الخميس في معقل الحزب بالضاحية الجنوبية لبيروت, بصورة تحريضية واضحة وفاضحة.
وقال نصر الله: إذا احتاجت المعركة مع هؤلاء, أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا، سنذهب إلى سوريا، وذلك في خطاب عبر شاشة ألقاه في احتفال للحزب أقيم في بلدة عيتا الشعب جنوبي لبناني.
وأضاف: إن أحد الردود على أي تفجير من هذا النوع هو ما يلي: إذا كان لدينا 100 مقاتل في سوريا سيصبحون 200، وإذا كان عندنا 1000 مقاتل في سوريا سيصبحون 2000، وإذا كان عندنا 5 آلاف مقاتل في سوريا سيصبحون 10 آلاف, في إصرار عجيب وغريب على الباطل.
وفي مفارقة ليست بجديدة ولا حديثة, فقد توافقت آراء نصر الله وإسرائيل بشأن منفذ العملية, على الرغم من عدم إجراء أي تحقيق من نوعه بعد, وعلى الرغم من السياسة الخبيثة التي كانت متبعة من الحزب سابقا, بتوجيه الاتهام بداية لليهود وإسرائيل, في أي عملية من هذا النوع, لإضفاء وترسيخ صفة المقاومة على نفسه وحزبه.
فقد نفت سلطات الكيان الصهيوني أمس مسؤوليتها عن التفجير الذي تم بالضاحية الجنوبية لبيروت, واتهمت المقاومة السورية (الجيش السوري الحر) بالضلوع فيه, ويبدو أن ما يسمى بحزب الله قد صدقهم ووافقهم على ذلك.
فقد قال نصر الله أمس: لا أريد أن أحسم الآن وأقول: إن تفجير الأمس (الخميس) هي مسؤولية الجماعات التكفيرية، لكن الترجيح الكبير جداً هو هذا، بحسب المؤشرات والمعطيات وكل ما يتوافر لدينا.
وادعى زعيم الحزب الشيعي أنه مما ثبت الآن, وبشكل قطعي أنهم (منفذو الهجمات) مجموعات تنتمي إلى مجموعات تكفيرية محددة ومعروفون بالأسماء, ومعروف من يشغلهم ومن يدعمهم ومن يديرهم، من دون أن ينفي فرضية أن يكون هؤلاء (عملاء لإسرائيل)، إلا أنه شدد على أن أي دليل على ذلك لم يتوافر بعد.
ويا لها من مفارقة ومناقضة عجيبة: فمنفذوا العملية معروفون ومحددون كما يقول الحزب وزعيمه, إلا أنه لا يوجد أي دليل على ذلك حتى الآن, فكيف تمت معرفتهم إذن, وكيف تم تحديدهم, وعلى أي أساس؟؟!!
إنه الباطل والإصرار عليه, لم ولن يستند في يوم من الأيام على الحجة والمنطق والعقل, وإنما يستند إلى الأهواء والشهوات.
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث