نصر الله.. ازدواجية الخطاب والممارسة
الاثنين11 من محرم1428هـ 29-1-2007م
عصام زيدان
الخبر:
اتهم الأمين العام لحزب الله "حسن نصر الله"، في خطاب له مساء الأحد، أقطابًا في الفريق الحاكم بالعمل على إثارة الفتنة بين السنة والشيعة؛ "خدمة لإسرائيل", معتبرًا أن ما حدث يوم الخميس "هو كمين نُصب في مكان فيه طلاب سنّة وشيعة؛ بهدف جرنا إلى القتال".
التعليق:
تعددت الخطابات التي يلقيها زعيم حزب الله في مناسبات مختلفة, ولكنها تعكس في النهاية ازدواجية مدهشة واختلافًا مريبًا عما يتم ممارسته واقعيًا, وعما يسعى إليه ويخطط.
ففي صيف العام الماضي، وبعد المواجهات مع "إسرائيل", وما خلّفته من دمار في البنية التحتية وانهيار على المستوى الاقتصادي, ووضع الجنوب تحت سيطرة القوات الدولية, رأى زعيم الحزب في ذلك نصرًا إلهيًا.
وبعد أن أدرك زعيم الحزب أن الجنوب عاد محتلاً من قِبل هذه القوات، وجّه سهامه ناحية بيروت العاصمة, وشن حربًا جديدة على الحكومة التي سبق وأن ارتضى أن يكون شريكًا فيها بعدة وزراء, واتهمهما بأنها تتلقى أوامرها من السفير الأمريكي جيفري فيلتمان, وتخدم المصالح الغربية, وإن كان لذلك نصيب من الصحة, فإنه قد وقع في ذات المقاربة بالعمل لصالح الأجندة الإيرانية، ويتلقى أوامره مباشرة من أعلى سلطة في إيران ممثلة في مرشد الثورة علي خامئني, وهو ما أكده في تصريح أخير الأمين العام الأسبق لحزب الله، الشيخ صبحي الطفيلي.
وبانسحاب الأعضاء الشيعة من الحكومة وضع "نصر الله" الإطار العام لحربه في بيروت، وصنفها ضمن الحروب الطائفية والمذهبية, وهو بعد ذلك يتهم الحكومة ذاتها بأنها تسعى لخلق الفتنة بين الشيعة والسنة، محملاً إياها المسئولية في ذلك.
وكانت مهاجمة ميليشياته السوداء لأحياء بيروت السنية وترويع المدنيين يوم الثلاثاء الماضي وحرق الإطارات وسد الطرقات إيذانًا من الحزب بأنه سيسعى إلى تجذير الشقاق وشد لبنان على حبل الطائفية مهما كان الثمن.
وكان يوم الخميس العنوان الأبرز والأكثر وضوحًا في هذا المسعى, إذ انتقلت عدوى الطائفية التي بذرها حزب الله وزعيمه إلى حيث جني الثمار المرة التي اصطبغت بلون الدم في باحات الجامعات والمدارس, وعليه وزر تلك الدماء بإقدامه على غلق الأطر السياسية وفتح المجال رحبًا للاقتتال والتراشق المذهبي.
فليس على الحكومة، بكل حال يمكن، أن تُلقى عليها تبعة الفتنة الطائفية والمذهبية بين السنة والشيعة, وإنما يتحمل وزرها من أطلق سراح ميليشياته لتخطف لبنان الدولة إلى حيث ولاية الفقيه, وإلى حيث الفلك الإيراني الشيعي الذي لا يبخل بأي جهد في سبيل إرساء دولة العمائم فيها.
فزعيم الحزب يذهب بعيدًا في إرساء دولة الفقيه في لبنان؛ لتكون من ملحقات الثورة الإيرانية الخومينية, خلاف ما يدعيه في خطاباته، ومنها ذلك الخطاب الأخير من كونه حريصًا على إنجاح مشروع الدولة وحقها الحصري في حمل السلاح "كي لا تفرخ دويلات جديدة مشابهة لدويلة تلك القوى"، وإلا فما الهدف من الاحتفاظ بتلك الميليشيات وجرها إلى الاقتتال في شوارع بيروت.
فدولة حزب الله التي أرساها في الجنوب ودعمها بالمؤسسات التربوية والأجهزة الاستخباراتية والميليشيا العسكرية, ومحاولة تصديرها لبيروت العاصمة للاستحواذ على مفاصل الدولة عنوة, ليست إلا دعوة للفتنة والاقتتال الداخلي.. ترى من سيكون المستفيد حينها؟!