تاريخ الخيانة الطائفية.. بين مشهدين
بقلم/ أشرف عبد المقصود
إننا اليوم بين مشهدين متطابقين تمام الانطباق .. مشهدين مؤلمين في تاريخ الإسلام : الأول: قديم . والآخر : معاصر ، مازال حيًّا بيننا رأيناه بأم أعيننا قبل أمس .
أما المشهد الأول : فهو إعدام الخليفة العباسي ببغداد في واقعة التتار بمعاونة مراجع الشيعة الكبار.
وأما المشهد الثاني : فهو إعدام ميليشيات الشيعة الإرهابية للرئيس السني للعراق صدام حسين بمعاونة قوات الاحتلال على مرأى ومَسْمع من العالم أجمع.
* * * *
المشهد الأول : يرجع إلى " سنة ست وخمسين وستمائة " في وقعة التتار ببغداد على يد هولاكو بمباركة وزيره ومرجع الشيعة الكبير : نصير الدين الطوسي ، وبمعاونة ابن العلقمي الشيعي الوزير الأول للخليفة العباسي .
ولكي نطلع على تفاصيل هذا المشهد ، أترك الحديث لمؤرخ عظيم من مؤرخي الإسلام هو الحافظ ابن كثير في كتابه " البداية والنهاية " في أحداث " سنة ست وخمسين وستمائة " ، ثم أتبعه بوقفات مهمة ، ثم أوجه نصيحتي لأهل السنة حكاماً ومحكومين ، عَلّها تجد قلوباً واعية، وآذاناً صاغية:
1- هذا هو المؤرخ الكبير الحافظ ابن كثير- والقصة متواترة في جميع كتب التاريخ - يُصَوِّر لنا المأساة التي حلّت بالإسلام والمسلمين ببغداد دار الخلافة العباسية في ذلك الوقت أيام الخليفة المستعصم آخر خلفاء بني العباس فيقول : (( دخلت سنة ست وخمسين وستمائة ، فيها أَخَذت التتار بغداد .. سُتِرت بغداد ، ونصبت فيها المجانيق والعَرَّادَات وغيرها من آلات المُمَانعة التي لا تردُّ من قَدَر الله سبحانه وتعالى شيئا ، كما ورد في الأثر : " لن يغني حذر عن قدر " ، وكما قال تعالى : { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر{، وقال تعالى : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } ، وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب .. ووصل هولاكو بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة ، لا يبلغون عشرة آلاف فارس ، وهم وبقية الجيش كلهم قد صُرِفُوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجد وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي ... )) اهـ
2- هذا الخائن الكبير ابن العلقمي الذي سرَّح جيش الخلافة بعد أن كان مائة ألف فجعله عشرة آلاف، يقول عنه ابن كثير رحمه الله : (( كان أول من برز إلى التتار هو ، فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه ، فاجتمع بالسلطان هولاكو خان ـ لعنه الله ـ ثم عاد فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه ، لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة ، فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورؤوس الأمراء والدولة والأعيان ، فلما اقتربوا من منزل السلطان هولاكو خان حُجِبُوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفساً ، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين، وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت وقتلوا عن آخرهم )) اهـ
3- تأملوا يا أهل الإسلام المشهد الآتي وقارنوا بما فعله رئيس وزراء المليشيات نوري المالكي : يقول ابن كثير رحمه الله : (( وأُحْضِرَ الخليفة بين يدي هولاكو ! .. وفي صحبته خوجة نصير الدين الطوسي ، والوزير ابن العلقمي وغيرهما ، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة ، فَأُحْضِر من دار الخلافة شيئاً كثيراً من الذهب والحلى والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة ، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة .. وحَسَّنُوا له قتل الخليفة ، فأمر بقتله ، ويقال : إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي والمولى نصير الدين الطوسي .. )) اهـ
4- انظروا يا أهل الإسلام ماذا فعل مراجع الشيعة الخونة بخليفة المسلمين وقارنوا ذلك بمشهد الميليشيات الشيعية في إعدامهم للرئيس السني للعراق وبمباركة مُفْتي الاحتلال " علي السيستاني " وبقية مروجي التشيع الصفوي . يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله : (( فلما قدم هولاكو ، وتهيَّب من قتل الخليفة ، هَوَّن عليه الوزير ذلك فقتلوه رفسًا ، وهو في جوالق ــ أشولة ــ لئلا يقع على الأرض شيء من دمه ، خافوا أن يؤخذ بثأره فيما قيل لهم ، وقيل : بل خُنِق ،ويقال : بل أُغْرق ، فالله اعلم . فباءوا بإثمة وإثم من كان معه من سادات العلماء والقضاة والأكابر والرؤساء والأمراء وأولي الحل والعقد ببلاده .. ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قَدَروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش ، وقنى ــ جمع قناة ــ الوَسخ وكمنوا كذلك أياما لا يظهرون ، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب ، فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار ، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة ، فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وكذلك في المساجد والجوامع والربط ، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ، ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي ، وطائفة من التجار أَخَذُوا لهم أمانا بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم )) اهـ
5- ويتابع الحافظ ابن كثير الحديث ـ وكأنه يصف حال بغداد اليوم مع ميليشيات الشيعة المجرمة مبيناً عدد القتلى وما حلّ بأهل بغداد وكأن التاريخ يُعِيدُ نفسه مع قتلى المسلمين في العراق اليوم ـ فيقول : (( وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس ، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة .. وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة ؛ فقيل : ثمانمائة ألف . وقيل : ألف ألف وثمانمائة ألف وقيل : بلغت القتلى ألفي ألف نفس . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرم ، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين يوما .. وأراد الوزير ابن العلقمي ـ قبحه الله ولعنه ـ أن يُعَطِّل المساجد والمدارس والربط ببغداد ، ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض ، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون عِلْمهم وعَلَمَهم بها وعليها ، فلم يقدّره الله تعالى على ذلك بل أزال نعمته عنه ، وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة ، وأتبعه بولده ، فاجتمعا والله أعلم بالدرك الأسفل من النار ، ولما انقضى الأمر المقدر ، وانقضت الأربعون يوما بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس والقتلى في الطرقات كأنها التلول ، وقد سقط عليهم المطر ، فتغيَّرت صورهم ، وأنتنت من جيفهم البلد وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدَّى وسَرَى في الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلق كثير من تغيُّر الجو وفساد الريح ، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولما نُودى ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والقني ـ جمع قناة ـ والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضهم بعضا ، فلا يعرف الوالد ولده ، ولا الأخ أخاه ، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى ، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى ، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى )) اهـ
* * * * *
أما مراجع الخيانة والعار من الشيعة الصفويين ومن تلطخت أيديهم بدماء المسلمين فلنا معهم ست وقفات:
الوقفة الأولى : من المتواتر عند أهل السنة أن وراء هذه المجزرة الدموية رأسين من رؤوس الإجرام والخيانة وهما من مراجع الشيعة وعلمائهم الكبار ، بل من خلال تصريح أعلامهم ومؤرخيهم ومحققيهم سنثبت لكم تورط هذين المجرمين اللذين يستحقا أن يُحشرا مع عبد الله ابن أُبي بن سلول في الدرك الأسفل من النار ، وانطبق عليهما قول الله تعالى { هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون{.
الوقفة الثانية : فمع المجرم الأول : والرأس المدبّر المحرِّض على ارتكاب المجزرة : وزير السوء الرافضي ابن العلقمي قبحه الله . قال ابن كثير : (( وزير المستعصم ، وزير سوء على نفسه ، وعلى الخليفة ، وعلى المسلمين مع أنه من الفضلاء في الإنشاء والأدب وكان رافضيا خبيثا سيئ الطوية على الإسلام وأهله .. وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش ، وإسقاط اسمهم من الديوان ، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبا من مائة ألف مقاتل منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر ، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف ، ثم كَاتَبَ التتار ، وأطمعهم في أخذ البلاد ، وسَهَّل عليهم ذلك ، وحكى لهم حقيقة الحال ، وكشف لهم ضعف الرِّجال ، وذلك كله طمعا منه أن يُزيل السنة بالكلية ، وأن يظهر البدعة الرافضة ، وأن يُقِيم خليفة من الفاطميين ، وأن يبيد العلماء والمفتيين ، والله غالب على أمره ، وقد رد كيده في نحره ، وأذلَّهُ بعد العزة القعساء وجعله حوشكاشا للتتار بعد ما كان وزيرًا للخلفاء واكتسب إثم من قتل ببغداد من الرجال والنساء والأطفال ، فالحكم لله العلي الكبير رب الأرض والسماء )) اهـ
ولكن الله لم يمهل هذا الخائن ــ كما ندعوه سبحانه ألا يمهل خونة اليوم منهم ــ يقول ابن كثير رحمه الله : (( لم يمهله الله ولا أهمله بل أخذه أخذ عزيز مقتدر .. حَصَلَ له بعد ذلك من الإهانة والذل على أيدي التتار الذين مالأهم وزال عنه ستر الله وذاق الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .. وانقطع في داره إلى أن مات كمدا في مستهل جمادى الآخرة من هذه السنة وله من العمر ثلاث وستون سنة ، ودفن في قبور الروافض ، وقد سمع بأذنيه ورأى بعينيه من الإهانة من التتار والمسلمين مالا يحسد ولا يوصف ، وتولى بعده ولده الخبيث الوزارة ، ثم أخذه الله أخذ القرى وهي ظالمة سريعا )) اهـ .
الوقفة الثالثة : مع المجرم الثاني والرأس المدبر على ارتكاب هذه المجزرة وهو عالم الشيعة المعروف ومرجعهم الكبير ، وصاحب المؤلفات الكثيرة عندهم : الرافضي نصير الدين الطوسي قبحه الله ، والذي استوزره هولاكو خان ، فقام بتحريضه على غزو العراق ، وقتل الخليفة المستعصم ، فجاء مع الغزو بنفسه ، وفي مقدمة الرَّكب ــ كما جاء الكثير من مراجع العار والخيانة في مقدمة قوات الاحتلال للعراق !!
يقول علامتهم وحجتهم إبراهيم الزنجاني في " عقائد الإمامية الاثني عشرية " ( 3 / 231 ) ((كان ابتداء دولة هولاكو خان في إيران عام 650هـ وانتهاء دولته وسلالته بموت سعيد خان سلطانية زنجان عام 736هـ ، وحمل على العراق بقيادة نصير الدين الطوسي فيلسوف الإسلام ، وبتأييد سديد الدين العلقمي وزير الخليفة العباسي بتاريخ 656هـ وقضى على خلفاء بني العباس )) اهـ . وقال مؤرخهم محمد باقر الخوانساري في ترجمة المجرم الطوسي من كتابه " روضات الجنات "( 6 / 279 ).: (( ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان ، من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول ، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد ، مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد ، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد ، وإخماد نائرة الجور والإلباس بإبداء دائرة ملك بني العباس ، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام ، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار ، فأنهار بها في ماء دجلة ، ومنها إلى نار جهنم دار البوار ، ومحل الأشقياء والأشرار)) اهـ . انظروا لوصف هذ1ا المجرم لما فعلوه بأهل بغداد وقارنوا !
الوقفة الرابعة : لا تعجب أخي المسلم من هذين المجرمين اللذين قاما بالتحريض والإفتاء والتخطيط مع التتار للقضاء على الخلافة العباسية لإقامة الخلافة الشيعية . فهذا آيتهم العظمى الخميني ــ مرجع حزب إيران في لبنان ــ يقول ص ( 142 ) من كتابه الحكومة الإسلامية : (( ويشعر الناس بالخسارة أيضا بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام )) اهـ . ونحن نسأل : ماذا يقصد الخميني بالخدمات الجليلة التي قدمها النصير الطوسي للإسلام ؟ أجيبوا يا دعاة التقريب ؟!
هذا النصير الطوسي يصفه الخميني في كتابه " الأربعين " ( 3 / 612 ) بأنه أفضل المتأخرين وأكمل المتقدمين ، وحين يناقش الخميني مسألة دخول الشيعي في ركب الحكام ــ من غير الشيعة ــ من حيث الجواز والتحريم نراه يرجح الجواز بشرط أن تكون فيه مصلحة واضحة ونصرًا ظاهرًا للشيعة ، ثم يستدل على صحة رأيه بحادثة دخول النصير الطوسي في ركب هولاكو الكافر ، حيث عدّه الخميني نصرا كبيرا للمذهب ، رغم ما كان قد ترتب عليه من ضرر فادح في حق الإسلام والمسلمين ، في إشارة واضحة إلى أن النصر الذي ينشده الخميني هو إمعان القتل بأهل السنة والتنكيل بهم . وإليك نص قوله ــ عليه من الله ما يستحقه ــ في كتابه الحكومة الإسلامية ص ( 142 ) قال : (( وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدا منا بالدخول في ركب السلاطين ، فهنا يجب الامتناع عن ذلك ، حتى لو أدى الامتناع إلى قتله ، إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي رحمهما الله )) اهـ . والخميني نفسه ورجال ثورته الشيعية قد طبقوا هذا الفكر الدموي عمليا أيضا حين استتب لهم أمر الحكم في إيران الفارسية إذ عملوا في أهل السنة وفي علمائهم تحديدا بالقتل والتشريد والملاحقة وإلى يومنا هذا .
وأما علي بن يقطين : هذا الذي يترحم عليه الخميني فهو مجرم آخر تلطخت يداه بدماء أهل السنة أيام هارون الرشيد ، كما يروي عالمهم ومحدثهم نعمة الله الجزائري في " الأنوار النعمانية " ( 1 / 292 ) فيقول : (( وفي الروايات أن علي بن يقطين ، وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين . وكان من خواص الشيعة فأمر غلمانه فهدموا سقف المحبس عليهم ، فماتوا جميعا ، وكانوا خمسمائة رجل تقريبا فأراد الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم عليه السلام فكتب عليه السلام إليه جواب كتابه : " بأنك لو كنت تقدمت إليَّ قبل قتلهم ، لما كان عليك شئ من دمائهم ، وحيث أنك لم تتقدم إليَّ , فكفِّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس , والتيس خير منه . فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر ، وهو كلب الصيد , فإن ديته عشرون درهماً ، ولا دية أخيهم الأكبر ، وهو اليهودي أو المجوسي , فإنـها ثمانمائة درهم ، وحالهم في الآخــرة أخسّ وأنجس)) اهـ . ولاشك أن الإمام الكاظم بريء من هذه الأكاذيب !!!
الوقفة الخامسة : الحديث عن الدور الخبيث الذي لعبه بعض مراجع الشيعة اليوم في إسقاط العراق واحتلاله لا يحتاج منا لوصف ، ولكن يكفي أن أشير هنا إلى أنه تم العثور في بعض مقرات الأحزاب الشيعية على أوراق وبيانات ــ وهي منشورة على الانترنت ـ تتضمن أوامر وتوجيهات موجهة من سلطات عليا ــ مرجعيات دينية وحزبية ــ إلى أتباعهم في مناطق العراق المختلفة وخصوصا بغداد بضرورة العمل على حرق وسلب وتدمير كل مؤسسات الدولة وتهيئة عموم الشيعة لذلك وعدم الالتفات إلى ما قد يصدر من الحوزة العلمية في النجف من نداءات وفتاوى ؛ لأنه تدخل من باب التقية وتحسين الصورة لا غير . وبالفعل تم لهم الأمر كما أرادوه وبالتنسيق مع قوات الاحتلال ، فلم تسلم مؤسسة ولا بناية ولا معلم من السرقة والحرق والتدمير ــ كما هو الحال في وقعة التتار ، فالأسلوب واحد ــ حتى بناية المكتبة الوطنية في بغداد طالها أذى الرعاع الخونة فتم حرق أغلب محتوياتها ولم ينج منها إلا النزر اليسير في مشابهة عجيبة لما حصل لبغداد إبان اجتياح التتار . هل أبالغ إن قلت إن ما نقلته من وصف ابن كثير لمجزرة بغداد في غزو هولاكو ، لا يقارن بما يحكيه أهل السنة وما يحدث لهم هذه الأيام في العراق بمباركة مراجع الشيعة وساستهم وعلمائهم .