البحرين في مرمى عمائم إيران

بواسطة أبو عبد الملك الشامي قراءة 532

البحرين في مرمى عمائم إيران

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه:

لا يخفى على كل متابع ما يجرى من تمدد وتغلغل إيراني فارسي في المنطقة العربية بل وفي المنطقة الإسلامية, وخاصة منطقة الخليج العربي الذي يعتبر من أهم المناطق التي تحرص حكومة العمائم في إيران على احتوائه وتكرار تهديده وذلك لفرض حالة من عدم الاستقرار في تلك المنطقة تكون بداية وحجة للتدخل فيه، وبالتالي يعقبها عملية الاحتلال الفعلي الذي يتم عن طريق الأقليات الشيعية المتواجدة  في  تلك  البلدان والتي تعتبر رأس حربة  لذلك التدخل.

ولعل من أضعف نقاط ذلك الحزام العربي الغربي للخليج العربي هي "مملكة البحرين" فلا غرابة أن نسمع دائماً وسائل الإعلام تتناول تغطية ما يجري في البحرين من مشاكل واضطرابات .

ورغم صغر ذلك البلد إذ لا تتجاوز مساحته 620 كم 2، ومجموع عدد السكان فيه يبلغ 1,234,571 نسمة إلا أن الأحداث تجري فيه متسارعة, والتوتر في تصاعد , والمحرك الوحيد لذلك التأزيم هم الطائفة الشيعية في البحرين حصراً، وقد قامت تلك الطائفة بـ:

1-   الاعتصام بساحة مجلس التعاون الخليجي وقد سميت من قبلهم بدوار اللؤلؤة, ربما يرمز ذلك إلى أبي لؤلؤة المجوسي. ورفعت شعارات طائفية مقيتة في ذلك الاعتصام وتم التجاوز على آل خليفة العائلة الحاكمة السنية.

كما رصد عمليات جمع للسلاح ,  وإقامة نقاط سيطرة وتفتيش للمواطنين واستفزازهم . ويحدث بداخل الدوار عملية "زواج المتعة" وذلك بشهادة بعض المواطنين .

وبعد هذا التجمع والاعتصام تحول ذلك الدوار الجميل الذي كان رمز من رموز البحرين إلى مجمع للقمامة من مخلفات أولئك المعتصمين .

2-   تعطيل الحياة الدراسية حيث أن قسم كبير من المعلمين هم من الطائفة الشيعية , وتهديد كل من يخالف ذلك من الطلاب أو المعلمين بل وحتى المتطوعين من المدرسين الذين حاولوا سد النقص واستمرار العملية الدراسية حتى وصل إلى حد الاعتداء على بعض هؤلاء.

3-  نصب خيم للمعتصمين الشيعة على باب الطوارئ لمستشفى السلمانية وهو الأكبر والوحيد من ناحية التجهيزات المتطورة في البحرين. وتقوم تلك المجاميع المعتصمة باستفزاز المراجعين المرضى والتحقق من هوياتهم وقد أدى ذلك إلى هبوط نسبة مرتادي المستشفى إلى حد كبير .

4-  الاعتداء على المواطنين السنة والمجنسين من قبل شيعة البحرين وذلك في أماكن السكن المشترك مثل مدينة حمد وغيرها .

5-  استقالة كتلة الوفاق الشيعية من البرلمان ورفض الجلوس إلى مائدة الحوار.

6-  إخراج طلبة المدارس من فتيان وفتيات وخاصة من الطائفة الشيعية للقيام بالاعتصامات والمظاهرات ضد النظام .

7-  حيث يسيطر الشيعة على تجارة كثير من المواد التموينية للمواطنين البحرينيين فقد قام التجار بقطع إمداد المتاجر من تلك المواد وإحداث أزمة في بعض السلع في البحرين.

8-  شهدت بوابة وزارة التربية والتعليم أكثر من مسيرة واعتصام منذ صباح يوم الخميس) 3 مارس/ آذار 2011(.

9-   منذ14 فبراير شلت حركة المسافرين في مطار البحرين بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها البحرين.

كان يعيش أهل البحرين حياة هانئة ومستقرة خاصة أن عدد السكان قليل وملك البحرين مشهور بالتسامح والتواضع لشعبه , كما أن في ذلك البلد هامش كبير من الحرية. لقد انقلبت حياة البحرينيين إلى جحيم لا يطاق وأصبحت حياتهم منغصة بسبب تلك الاعتصامات وعمليات الاعتداء والاستفزاز من الطائفة الشيعية حتى أصبحت الحياة شبه معطلة في ذلك البلد الجميل والهادئ.

إن عملية تعطيل الحياة تلك هي عبارة عن استنساخ لتجربة حزب الله في لبنان ولعل قسم من البحرينيين الشيعة قد تدرب هناك , فكما عطل حزب الله عمل الحكومة بسبب اعتصاماته واستقالاته وتهويله الإعلامي , فشيعة البحرين قد سلكوا الطريق ذاته .

لقد حرضت إيران على ذلك التأزيم في البحرين ودعمته لوجستياً وإعلامياً لأسباب عديدة سوف نتطرق إلى ذكرها . فإيران تحرك أحجار الشطرنج، وهم الطوائف الشيعية والأحزاب الموالية لها في عدد من البلدان حسب ما يتناسب ذلك التوقيت مع مصالحها فتحرك مرة هذا وتثير مرة ذلك .

تتلخص أسباب إثارة الطائفة الشيعية في البحرين بهذا التوقيت بالذات  بعدد من النقاط من أهمها:

1-   تمر الحكومة القابعة في إيران بأزمة داخلية عاصفة تتخلص بانفضاض الشعب الإيراني بكل طوائفه عن أفكار الثورة الإيرانية, حتى أصبحت تضرب المشاكل عقر دار المرشد الإيراني وهي طهران العاصمة، إضافة إلى انقسامات فعلية داخل المؤسسة الدينية والسياسية الإيرانية . فإثارة شيعة البحرين هو عبارة عن تصدير الأزمة إلى الخارج ولفت الأنظار تجاه شيعة البحرين .

2-   يعتبر الوجود الشيعي في البحرين مرتفع نسبياً بالنسبة لباقي دول المنطقة حيث يقدر بالنصف من عدد السكان في البحرين فيمكن من خلاله إظهار أن تلك التظاهرات والاعتصامات امتداد لما يحدث في الدول العربية مثل مصر وتونس وليبيا , فيتحقق الهدف منها في إزالة حكم آل خليفة السني بركب موجة التغيير في المنطقة العربية .

3-   قرب البحرين من السعودية حيث تجاور البحرين السواحل الشرقية للملكة العربية السعودية (24كم غربا) وقطر (26كم جنوب شرق ) فإقامة أي دولة شيعية في ذلك المكان يعتبر تهديد حقيقي ورأس جسر للوصول إلى الأماكن المقدسة في المملكة .

4-   تعتبر البحرين قلب منطقة النفط في الخليج فالسيطرة عليها سيطرة على تلك المنابع النفطية أو التحكم بها على اقل تقدير .

5-   استغلال موجة الفوضى والضعف والقلق في المنطقة العربية حيث أن العروش التي أزيلت لم تحل محلها حكومات قوية ممكن أن تتصدى للمشروع الشيعي وما تبقى من عروش مهدد بالمصير نفسه ومنشغل بأوضاعه الداخلية .

إن تلك الفترة تمثل فرصة ذهبية لعمائم إيران ليضربوا ضربتهم في ذلك التوقيت ,  فخطة شيعة البحرين تتمثل بإخراج المظاهرات والاعتصامات وتعطيل عمل الدولة وجر الدولة البحرينية إلى معركة مع المتظاهرين ومحاولة استفزاز أهل السنة إلى مواجه مع الشيعة الهدف منها إثارة الفوضى في البلد لتحقيق مطلبين:

الأول: إظهار الشيعة على أنهم الطائفة المضطهدة في البحرين من قبل الحكومة والشعب السنيين وبذلك يصبح الجلاد هو الضحية بما يتقن الشيعة من التظاهر بالمسكنة والمظلومية التي أصبحت جزء من تكوينهم . يضاف إلى ذلك استخدام الآلة الشيعية الإعلامية لتنفيذ ذلك .

الثاني : جر الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي إلى التدخل لصالحهم في البحرين على أنهم الفرقة المظلومة والمنتهكة حقوقها  من قبل حكومة طائفية وتكرار التجربة الشيعية العراقية علما أن أمريكا تقف بجانب كثير من القضايا الشيعية ومن ينظر إلى المنطقة يعرف ذلك .

إن صبر الحكومة البحرينية على تلك الاستفزازات وشدة ضبط النفس لدى مؤسساتها وخاصة العسكرية, وان نظر البعض إليه على أنه ضعف , وتقديم تنازلات منها الدعوة للحوار وإعطاء الشيعة بعض الحقائب الوزارية قد ضيع الفرصة على شيعة البحرين, وأظهرهم بأنهم الطرف المعتدي وانقلب السحر على الساحر وأصبح الشيعة هم الجلاد بعد أن أرادوا أن  يكونوا هم الضحية .

وإن من الأسباب المهمة لتحقيق تلك النتيجة هو موقف سنة البحرين المهم حيث أدت استفزازات الشيعة إلى شعور بالخطر لدى أهل السنة واحتمال ضياع بلدهم ووقوعه فريسة سهلة بيد المخالب الإيرانية، أدى هذا إلى تمحور والتفاف أهل السنة حول قيادتهم السياسية المتمثلة بآل خليفة وتكاتف السنة واجتماعهم حول قيادة دينية يقودها الشيخ عبد اللطيف المحمود وذلك في تجمع أمام جامع الفاتح يقدر عدده بالنصف مليون لم يمر في تاريخ البحرين مثل ذلك العدد . لقد بعث ذلك التجمع برسالة إلى الشيعة أن هناك نصف في المجتمع لا يرضى بأفعالكم وتوجهاتكم ويقف حجر عثرة في طريقها .

لقد خسر شيعة البحرين الكثير وفقدوا زمام المبادرة وبانت طائفية حركتهم لجميع العالم وأنها ليست حركة جماهيرية لقلب نظام الحكم كما أرادوا أن يظهرونها .

ولكن المعركة لم تنته بعد فقد سيطر الشيعة على كثير من مقدرات البحرين بغفلة من أهل السنة وطيبة قلوبهم وتسامحهم, فقد اخترق الشيعة مجال التعليم والصحة وهما من أهم مجالات الخدمات التي تتحكم بمصالح الناس وحياتهم, وهذا يذكرنا بحرص التيار الصدري في العراق على السيطرة على الوزارات الخدمية !! . كما سيطر شيعة البحرين على تجارة كثير من المواد المهمة الأساسية.  وان هناك عميلة شراء واسعة للأرضي في البحرين من قبل الشيعة , وهنالك خشية من اختراق شيعي لوزارة الداخلية بل حتى من اختراق مراكز القرار في الدولة البحرينية .

ومن أساليب المواجهة لهذا المد الشيعي في البحرين والذي ينبغي على أهل السنة فعله:

1-    أن لا ينتهي رد فعلهم عند ذلك التجمع بل يجب أن يثقفوا أبنائهم على أن لهم قضية يدافعوا عنها كما ربى الشيعة أبنائهم أن لهم قضية .

2-   كما ينبغي على أهل السنة أن يكون لهم مشروعهم الخاص ضمن خطوات مدروسة ومنظمة لعزل الشيعة وإظهارهم أنهم زعنفة وذيل لإيران وبذلك يفقدون شرعيتهم ويعرى مشروعهم .

3-   لأهل السنة طاقات عظيمة ولكنها غير مستثمرة, فيمكن تعطيل المشروع الشيعي وذلك بكسر حاجز الخوف عند أهل السنة عن طريق مواجهة الشيعة بنفس سلاحهم  ولكن بحكمة وروية وعدم اندفاع أهوج .

4-   على قادة أهل السنة إتباع ذلك التجمع السني بخطوات متتالية ومتتابعة لان المعركة مع الشيعة ليست سهلة وطويلة. ولكي لا يفقد أهل السنة حماسهم, ويجب أن يلمسوا النتائج الايجابية لما يقومون به .

5-   يجب أن لا تصل إلى الشيعة رسالة من الحكومة البحرينية أن تنازلاتها للشيعة ناتج عن ضعف أو خور فلا باس من استخدام أسلوب الترغيب والترهيب بصورة متوازنة لان الشيعة لا يفهمون إلا لغة القوة .

6-   وأن لا تتحول عملية ضبط النفس على أنها تراخي وتنازلات, مع أن ضبط النفس مهم في هذه المرحلة فبالمقابل يجب أن يعطى أهل السنة حق الدفاع عن النفس لكي لا يكسروا وتصيبهم عقدة الانهزام. وبالتالي يكون أهل السنة ورقة قوية للمناورة  بيد الدولة. 

7-   يقع على دول مجلس التعاون الخليجي مهمة خطيرة بالمسارعة في دعم أمن البحرين وذلك لأن امن البحرين امن للخليج العربي كله وسقوط البحرين هو بداية لسقوط بقية الدول .

لقد أدت التجاوزات والانتهاكات الشيعية لسنة البحرين إلى التسريع في استيقاظ أهل السنة في ذلك البلد وانتباههم إلى أن بلدهم يحيطه خطر محدق وهنالك مشروع إيراني يريد ابتلاعهم . ولرب ضارة نافعة وكما قال تعالى:  {...   َعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }النساء19.

فبعد أن كنا نسمع عبارات من أهل السنة في البحرين أن لا فرق بين السنة والشيعة وان الشيعة فيهم أناس طيبون , بدأنا نسمع عبارات التحدي واستشعار الخطر الإيراني الذي يهدد البلاد وخاصة من نساء أهل لسنة في البحرين وذلك على قناة وصال التي وقفت مشكورة وقفة مشرفة لنصرة أهلنا في البحرين .

لقد وقف شيعة البحرين وقفة واحدة ضد أهل السنة فلا فرق بين متشدد فيهم ومعتدل, يجب أن يفهم أهل السنة هذا فالشيعة عندهم تعدد الأدوار ووحدة الهدف كما يقول الشيخ طه الدليمي .

إن الشيعة يقترفون خطأ كبير يهدد وجودهم باستفزازهم أهل السنة وذلك لأنهم أقلية في وسط أكثرية ساحقة من أهل السنة, ويجب أن لا يكونوا منفذ مطيع لمخططات إيران الصفوية التي لا تدوم لهم فما هو موقفهم آنذاك .

نسال الله يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء وان ينصر أهل السنة على أعدائهم اللهم آمين .

 

أخوكم : أبو عبد الملك الشامي

 



مقالات ذات صلة