هل سيدفع أهل السنة في الموصل ثمن فاتورة فشل حزب الله في لبنان؟
أحمد الظرافي
من يظن أن ما يجري على الساحة اللبنانية من اضطرابات وقلاقل وفتن غير مرتبط بما يجري على الساحة العراقية ، فهو قاصر في التفكير ولا يرى أبعد من موضع قدمه ، وإن كان سياسيا فهو في السياسة أجهل من حمار أهله. فالحكومة الطائفية العراقية الموجودة في المنطقة الخضراء هي ذنب من أذناب إيران ، بقـدر ما هي عملية للأمريكان، ولو لم تكن الحرب على أهل السنة من أهم أولويات هذه الحكومة ، لما اضطرت إلى أن تجمع بين هذين الولائين.
وبالمثل فإن حزب الله الشيعي في لبنان هو أيضا ذنب من أذناب إيـران، ولو لم تكن الحرب على أهل السنة من أهم أولياته، لما سحب سلاحه من الجنوب إلى بيروت ليوجهه إلى صدور أهلها ( السنة )، - حصرا دون غيرهم - متحاشيا إراقة قطرة دم واحدة من المسيحيين، أنصار سمير جعجع ، الذي يعتبر أحد أقطاب ما تسمى بـ " الموالاة ). والأهـم من هذا وذاك أن التنسيق بين الحكومة العراقية الشيعية في بغداد ، وبين حزب الله الشيعي في لبنان قائم ومتواصل ، وليس له سوى هدف استراتيجي واحد ألا هو خدمة المشروع الإيراني الطائفي العنصري الشعوبي ، والذي لن يتحقق إلا بذبح أهل السنة العرب والرقص على أشلائهم وجثثهم. وإن القيادة الإيرانية الفارسية في طهران، من خلال ذراعها العسكري سيء الصيت ( الحرس الثوري ) هي التي تتولى تحـريك الطرفين متى تشاء وكيفما تشاء، وبما يصب في خدمة أهدافها الفارسية الخبيثة .. وهي التي تتولى إدارة عملية التنسيق بينهما..بصورة مباشرة ..كما هو جارٍ حاليا في الموصل وبيروت..وهذا هو الدليل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
فبينما كانت مليشيا حزب الله تعيث فسادا في أحياء بيروت الغربية ( السنية ) ، وتنتهك الحرمات وتعتدي على العزل الآمنين ، وتحرق المؤسسات ومقرات وسائل الإعلام ..وبينما كانت وسائل الإعلام العربية والأجنبية تركز على تغطية هذا الحدث الفظيع المروع ، طلعت علينا حكومة المنطقة الخضراء برئاسة نوري المالكي، بإعلان غارتها الهمجية والوحشية على مدينة الموصل ، بعد طول تردد وانتظار ، وبعد أن قفزت على ما يدور في مدينة الصدر في بغداد بجوار المنطقة الخضراء حيث مقرها الرئيسي، وأيضا بعد أن قفزت على ما يدور من اضطرابات في مدن الجنوب الشيعية عامة وفي البصرة ..بشكل خاص. وقد استبقت حكومة المالكي، تلك الغارة بادعاء أنها اعتقلت الشيخ / أبو أيوب المهاجر وزير الحرب في دولة العراق الإسلامية. وهذا طبعا خبر كبير ومدوي..يفتح شهية الإعلام والإعلاميين - ولاسيما الإعلام الغربي والأمريكي- ويستدعي القنوات الفضائية العالمية ، المنهمكة في تغطية جرائم حزب الله في لبنان ، لكي تُسارع وتقوم بتغطية خبر اعتقال هذا القائد الكبير ، وكيف لا وهو من قادة القاعدة، عدوة الصليبيين الأولى، وقاصمة ظهر الأمريكيين ، وبذلك يقل التركيز الإعلامي على ما يحدث في لبنان من فظائع ومن انتهاكات على أيدي مليشيا حزب الله، وهو ما يوفر لهذه المليشيا استباحة أحياء بيروت الغربية السنية، وأن تفعل ما يحلوا لها من انتهاكات لحقوق الإنسان بعيدا عن تغطية وسائل الأعلام، فيما عدا وسائل الإعلام التابعة لحزب الله أو إيران أو الموالية لهما ، وبما يضمن نقل الصورة التي تعكس وجهة نظر حزب الله وتضمن بياض وجهه رغم الفعلة السوداء التي أرتكبها. وقد ثبت أن خبر اعتقال المهاجر - زعيم تنظيم القاعدة في العراق ، هو خبر عار عن الصحة ..ولا أساس له في الواقع ، وجاء الإعلان عن ذلك بواسطة القوات الأمريكية. أي أن الهدف من إذاعة ذلك الخبر كان إعلامياً فحسب ، تبرعت به حكومة المالكي للتعبير عن تواطئها مع حزب الله في جريمته المتمثلة في اجتياح بيروت الغربية، ولذاك الغرض الخبيث الذي ذكرناه آنفا. وذلك طبعا لم يكن مبادرة تلقائية من حكومة المالكي، وإنما بتوجيه وإيعاز من الحرس الثوري الإيراني في طهران صاحب الكلمة العليا على المالكي وحكومته.
ثم بعد أن فشل حزب الله في تحقيق هدفه الشرير في بيروت - على النحو الذي كان مبيتا - وبعد هزيمته النكراء في الجبل وسحل عدد من عناصره ( الذين لا يقهرون) وأسر البعض منهم بما عليهم من سلاح وعتاد ، بل ومحاصرة كتائبه في شعاب الجبل. وأيضا بعد أن افتضح أمر المليشيات التي دربها وسلحها حزب الله في داخل كل طائفة ، والفشل الذريع الذي منيت به هذه المليشيات في أن تطعن كل منها طائفتها في ظهرها عند بدء المواجهة ، كما خططت لها قيادة حزب الله. وكذا بعد أن ارتفعت أصوات اللبنانيين والعرب المنددة بجريمة حزب الله النكراء وبسلوكه الدموي الإرهابي الهمجي البشع ، ضد المدنيين العزل الآمنين وانكشاف أكذوبة مقولة "أن السلاح موجه للمقاومة وللحرب على الكيان الصهيوني " وبالتالي حشر قيادة هذا الحزب في زاوية ضيقه ، وتحويلها من موقع الهجوم إلى موقع المتهم .. أقول بعد كل ذلك، إذا بالإعلام يعود بنا مجددا إلى مدينة الموصل الفيحاء ، لمتابعة أخبار الغزوة الهمجية العراقية- الأمريكية على هذه المدينة الأبية - وكأن هناك تدبير محكم للتغطية على فضائح وجرائم حزب الله في لبنان ، وصرف الانتباه وتركيز وسائل الإعلام للحديث عن عملية اجتياح الموصل .. والتي جاءت لتعويض المجازر التي حيل بين مليشيا حزب الله وبين تنفيذها في لبنان بمجازر وحشية في الموصل - نظرا لما ذُكر وللواقع اللبناني المعقـد ، فضلا على خوف حزب الله من انهيار سمعته في العالم الإسلامي ( السني ). وفي كلا الحالتين فالمدبر واحد والمستفيد أيضا واحد ، وهو نظام طهران الفارسي الشعوبي الحاقد .. كما أن الضحية واحدة، ألا وهم أهل السنة، فلا يهم إن كانوا في العـراق أو لبنان أو أي مكان آخر. كما أن عملية الموصل الجارية في الوقت الراهن قد جاءت في هذا الوقت بالتحديد لمساومة الأمريكيين بالمساعدة ضد تنظيم القاعدة ، من أجل أن يغض الطرف عما جــرى ويجري في لبنان .. ويتركون الأمور فيها على ما هي عليه دون تدخل منهم لكباح جماحه ولترجيح كفة الحكومة اللبنانية عليه..
ولعلكم قد سمعتم خلال الأيام القليلة الماضية عبر وسائل الإعلام ما قامت به المليشيات العراقية الممولة من قبل إيران والتابعة لها من جرائم بشعة ومن انتهاكات خطيرة ومن اعتقالات بالجملة لأهلنا في مدينة الموصل الفيحاء الباسلة وما حولها. وكل ذلك لدوافع طائفية شعوبية غاية في الحقارة والدناءة والخسة، سبق أن رأينا نماذج منها في بغداد عاصمة الرشيد، وفي بعقوبة وسامراء والمدائن وتلعفر وغيرها .. وهذا فضلا عن ما يتعرض له أهل مدينة الموصل من هجمات وحشية من قبل القوات الأمريكية، ومن قبل مليشيا البشمرجة الكردية ، وبتأييد مطلق من حكومة نوري المالكي الشيعية.. فهل سيدفع أهل السنة في الموصل ثمن فاتورة فشل حزب الله في لبنان ؟