فشل سياسات أربعين عاما قد يدفع النظام الإيراني إلى “الإنتحار”

بواسطة مركز المزماة للدراسات والبحوث قراءة 781
فشل سياسات أربعين عاما قد يدفع النظام الإيراني إلى “الإنتحار”
فشل سياسات أربعين عاما قد يدفع النظام الإيراني إلى “الإنتحار”

حولت إيران، بسبب مطامعها وسياساتها اللاواعية، واعتمادها نهج الازدواجية في ممارسة سياساتها الخارجية وفقا لعقلية لم تواكب العصرنة والتطور والتقدم الذي شهده العالم، إلى ألعوبة بيد القوى الغربية، بعد أن كانت أحد أهم أدواتها في نشر الفوضى في المنطقة، ليجد النظام الإيراني نفسه الآن “منتهي الصلاحية” لدى الولايات المتحدة التي حالفها وساندها ودعمها في غزو العراق وأفغانستان، وإشعال الأزمات والحروب في المنطقة بأكملها، غير أن فشل إدارته للبلاد داخليا وخارجيا، ووصول الأزمات الاقتصادية والمعيشية إلى مستوى أفقده قاعدته ، وتوليد قناعة لدى الغرب والولايات المتحدة مفادها أن عمر نظام الملالي قد انتهى، ومن غير الممكن أن يستمر لفترة أطول، ما دفع هذه القوى إلى التخلي عن دعم الملالي وتأكيد مصيره المحتوم في السقوط.

ونتيجة لسياسة حافة الهاوية التي ينتهجها "المرشد" و"الحرس الثوري"، كادت الأمور تنزلق إلى مواجهة عسكرية قد تدفع بالنظام الإيراني إلى "الإنتحار" وتكبيد بلاده خسائر مادية ومعنوية كبيرة، ولجأ إلى تفجير ناقلات النفط، واستفزاز أميركيا بإسقاط طائرة مسيرة، ودفع أذرعه الإرهابية إلى استهداف خطوط إمداد النفط والمطارات المدنية، وذلك نتيجة لإصابته بحالة هستيرية تكشف عن حرارة الروح واحتضار الموت والشعور بقرب الهلاك.

هذه الحالة التي وصلت إليها إيران، والتي تعبر عن فشلها بامتياز، جاءت بعد توالي الهزائم وتواصل الخسائر وفشل البرامج والمخططات التي أهدر النظام و"الحرس الثوري" لأجلها أكثر من ثلثي موارد البلاد ولمدة أربعة عقود، فأصبحت النتيجة الحتمية تقضي باقتلاع النظام من الداخل، عبر ثورة شعبية بدأت ملامحها منذ اندلاع "الحركة الخضراء" عام 2009، والتي شكلت بداية لنهاية النظام وكشفت عن غضب المواطنين واستيائهم ورفضهم لنظام الملالي ومؤسساته، واكتملت هذه الملامح باندلاع مظاهرات عارمة شملت غالبية المدن الإيرانية بداية عام 2018، والتي كشفت أيضا عن وجود إصرار شعبي وعزيمة داخلية على التخلص من النظام، وقد أكدت هذه الحقيقة التقارير التي رفعتها وزارة الداخلية الإيرانية ووزارة المخابرات مؤخرا إلى أعلى سلطة في البلاد تحذر فيها من اندلاع مظاهرات شعبية ضخمة في المستقبل القريب، هذا الغضب الداخلي وقرب انفجاره، تزامن مع عدة إخفاقات سياسية أهمها فشل الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة، وعودة العقوبات وتشديدها على إيران، وعدم قدرة الدول الأوروبية على الصمود أمام العقوبات الأميركية، وأخيرا فشل الآلية المالية الأوروبية “إنستكس” التي أقرها البيان الختامي لاجتماع اللجنة المشتركة بين أطراف الاتفاق النووي في فيينا مؤخرا، والتي اعتبرتها إيران بأنها بلا جدوى، ووصفها مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة “مجيد تخت روانجي” بأنها سيارة جميلة دون بنزين.

لذا، فإن احتقان الداخل، وتشديد الخناق على عنق النظام من الخارج عبر سلاسل العقوبات، دفع الفئة الحاكمة في إيران إلى التفكير بـ"الإنتحار" وإشعال المنطقة بحرب عسكرية، بحيث يكون لها أحدى النتيجتين، إما تشكيل ضغوط دولية على الولايات المتحدة لتخفيف التوتر ورفع العقوبات، وإما السقوط مع حفظ ماء الوجه، وكي يكون سبب السقوط هو تآمر العالم ضد نظام الملالي، وليس بسبب فقدان شرعيته وقاعدته الشعبية في الداخل.

ومع إشعال الحرب، وفي كلتا النتيجتين، يكون النظام أعطى لنفسه أمل الحياة بنسبة 50%، بينما البقاء على الوضع الحالي يعني أن سقوطه حتمي 100%، وهذا هو السر وراء سعي طهران إلى إشعال حرب في المنطقة عبر تكثيف أنشطتها الإرهابية والاستفزازية.

ما سبق يعني، أن النظام الإيراني سوف يستمر في تنفيذ أعمال إرهابية وأنشطة استفزازية، ومن المتوقع أن يتجاوز الخطوط الحمراء، لأنه من الواضح، ووفقا لقراءة التطورات في المنطقة، فإن قرار إشعال حرب قد اتخذ بالفعل في إيران، وهو ما أدركته القوى العالمية والإقليمية، وأخذت تضع استراتيجية وتعيد تموضع القوات العسكرية، بحيث إذا أجبرت على توجيه ضربة عسكرية للنظام الإيراني و"الحرس الثوري" تكون عملية سريعة وقاتلة تضمن إحداث شلل عام للقواعد العسكرية ومنصات إطلاق الصواريخ والمطارات العسكرية التابعة للقوات العسكرية الإيرانية داخل البلاد وخارجها، بحيث تكفل عدم السماح للنظام الإيراني بتحقيق أهدافه في زعزعة أمن واستقرار المنطقة وإدخالها في فوضى الحرب، وهو السيناريو الذي بات الأقرب ولا سيما بعد فرض عقوبات مشددة على أعلى القيادات الإيرانية السياسية والعسكرية، وفقدان النظام الإيراني أي أمل في البقاء.

 

المصدر : مركز المزماة للدراسات والبحوث

27/10/1440

30/6/2019

 



مقالات ذات صلة