أعداء المنهج السلفي... بدائل أمريكية مقترحة

بواسطة كمال حبيب قراءة 401
أعداء المنهج السلفي... بدائل أمريكية مقترحة
أعداء المنهج السلفي... بدائل أمريكية مقترحة

أعداء المنهج السلفي... بدائل أمريكية مقترحة

كمال حبيب

حين نقول المخططات الأمريكية فإننا نعني بذلك وجود أموال وعلماء وأجهزة مخابرات ومراكز أبحاث على أعلى مستوى، وأيضاً «الميديا» ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، أو ما عبر عنه التقرير الأمريكي المهم الذي نشرته مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت» بعنوان «قلوب وعقول ودولارات»، وفي هذا التقـرير الخطـير المنشـور هذا العام يكشف عنوانه ومضمونه أن «حرب الأفكار والعقول» هي الأهم على جبهة المواجهة بين العالم الإسلامي وأمريكا ومن ورائها العالم الغربي.

وحرب الأفكار وكسب القلوب والعقول هي الجناح الآخر المهم الذي يساند الحملة العسكرية الأمريكية في حربها المزعومة على الإرهاب، ويعترف التقرير أن معركة الأفكار والعقول والقلوب لها صلة مباشرة بالأمن القومي الأمريكي؛ فكما يقول التقرير «أمريكا لها مصالح متصلة بأمنها القومي ليس فيما يحدث داخل العالم الإسلامي وإنما داخل الإسلام ذاته كدين».

أي: أن أحد أهم أهداف حملة الدبلوماسية العامة الأمريكية في العالم الإسلامي هي تغيير جوهر الإسلام ذاته؛ فالتقرير يعتقد أن أحد أهم مصادر الأصولية الإسلامية والتشدد الإسلامي ـ والذي تحاربه أمريكا وفق دراسة «للبنك الدولـي» ـ هـي المـدارس الإسـلامية التـقليدية. ويقدِّر التقرير أن هناك حوالي نصف مليون طالب مسلم يتعلمون في هذه المدارس بباكستان، وأنه لا بد من تشجيع ذويهم على سحبهم من هذا التعليم التقليدي إلى التعليم العلماني، الذي تنفق عليه برامج حملة الدبلوماسية العامة الأمريكية هذه التي تصل ميزانيتها إلى أكثر من مليار دولار.

وفي الواقع فإن تعبير «حرب الأفكار والعقول» صكّه «بول وولفويتز» أحد مهندسي الحرب على العراق ونائب وزير الدفاع الأمريكي وأحد الصقور الخطيرة في الإدارة الأمريكية في عام 2002م حين قال: «إن معركتنا هي معركة الأفكار ومعركة العقول، ولكي نكسب الحرب على الإرهاب لا بد من الانتصار في ساحة الحرب على الأفكار». وتبنّت التعبير بعده بعام «كونداليزا رايس»، ثم أصبح أحد التعبيرات المهمة للإدارة الأمريكية كلها بما في ذلك «جورج بوش» نفسه(1).

ومـعركة الأفكار وفق إدراك صنّاع القرار الأمريكي تعني أنك تخوض حرباً لتغيير جوهر الدين الإسلامي ذاته، وهذا يجرك إلى مناطق حساسة، مثل: كيفية فهم الإسلام وتفسير القرآن والفـقه، بحيـث يدعو هـذا الفهم لمـا تريـده أمريـكا، وهـو تقديم خطاب متسامح يركز على المشترك بين الإسلام والنصرانية؛ فهو خطاب ينبغي أن يخلو من فكرة الجهاد والقتال والولاء والبراء، كما يجب أن يخلو من العداء للكيان الصهيوني.

ويعترف التقرير بأنه يواجه مشكلة حقيقية في التعامل مع العدو الإسلامي الأصولي، وهي أنه يحمل قيماً وأفكاراً دينية ومعنوية لم يعتد الأمريكان على التعامل معها من قبل مع العدو السوفييتي الذي كان ذا طابع إلحادي، بيدَ أن التقرير يسعى للاستفادة من الخبرة الأمريكية في التعامل مع الحركة الشـيوعية عـن طريق كسر القلب للحركة الإسلامية عن طريق ما أطلق عليه بوش «صدام حضارات داخل العالم الإسلامي وليس بينه وبين العالم الغربي» كما طرح هنتنجتون(2)؛ وذلك عن طريق دعم التيارات المعتدلة التي لا تتبنى الفهم المتشدد للدين الإسلامي بالمعايير الغربية؛ فهي تيارات بينها وبين العالم الغربي قيم مشتركة، مثل: الديمقراطية، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان كمرجعية مطلقة، والحريات المدنية والدينية، أي: أن التيارات المعتدلة التي تسعى أمريكا لدعمها أو استنساخها هي تيارات تعبر عن «الإسلام الأمريكي» الذي لا يجعل من الوحي مرجعيته الأساسية في الفهم، وإنما يجعل مرجعيته الواقع المتغير وضغوطاته.

ولدينا على مواقع مراكز الأبحاث الغربية مئات الدراسات التي تتحدث عن دعم الإسلام المعتدل كجزء من «الإستراتيجية الاتصالية» التي تتبناها أمريكا لكسب العقول والقلوب(3)، فكما استطاعت أمريكا أن تكسر الحركة الشيوعية في صراعها معها إبان الحرب الباردة إلى أجنحة متضاربة؛ فإنها تحاول تنفيذ الشيء نفسه داخل العالم الإسلامي بتعزيز الإسلاميين المعتدلين لكي يقوموا هم بالتضامن مع أمريكا في حربها ضد المتشددين من القاعدة وطالبان.

بيدَ أن أمريكا لا تقتصر فقط على القاعدة وطالبان كهدف لحربها، وإنما توسع الدائرة لتشمل أولئك الذين لا يلتزمون بالمعايير الأمريكية لفهم الإسلام، ومنهم السلفيون، والذين تصفهم أمريكا بأنهم أصوليون وهابيون أي: أتباع الشيخ «محمد بن عبد الوهاب». والسلفية هي منهج في التفكير يلتزم الطريقة التي فهم بها سلف هذه الأمة الأخيار ـ وهم علماء القرون الأربعة الأولى ـ القرآنَ الكريم والسنَة الصحيحة، وهي أيضاً منهج في الإصلاح يقوم على أن ما صلح عليه أمر المسلمين في أول بزوغ الإسلام هو الذي يصلح به أمر زماننا هذا والأزمان القادمة بعدها وحتى قيام الساعة؛ فالسلفية منهج في الفهم والإصلاح معاً(4).

وهنا تأتي المشكلة في المنهج الأمريكي أو حملة الدبلوماسية العامة الأمريكية؛ فبينما تسعى لكسب العقول والقلوب فإنها تسعى لكسبها وفق شروطها هي؛ بحيث تضع من لا يتابعها لتكسب عقله وقلبه في خانة العدو، وهي بهذا تضع المسمار في نعش هذه الخطة.

ذلك أن قطاعات واسعة من العالم الإسلامي ستقاوم كسب عقــولها وقلوبـها لصـالح أمريكا، وترى أن عقـلها وقلبها يجب أن يكون حيث يرضي ربها، والقطاعات المسلمة في العالم الإسلامي ستظل ترى الإسلام كما يريده الله وليس كما تريده أمريكا.

ومثلاً يقول «فوكوياما»: أنا أرى أن التوفيق ممكن بين الإسلام كدين وبين الحداثة؛ فالإسلام يمثل ديناً ونظاماً ثقافياً معقداً للغاية، وقد أثبت قدرته على التوافق مع الحداثة في عدد كبير من المجتمعات والأفراد، ولا أرى هناك سبباً يمنع من وجود شكل حديث للإسلام، غير أن «نوع الإسلام» الصحيح لا يمكن أن يتفق مع الحداثة، والقضية الأساسية هي إمكانية وجود دولة علمانية تجعل الإسلام بين حيطان أربعة(5).

فالمشكلة هنا ليست الحرب على «القاعدة»، ولكنها طريقة التفـكير التي يفكر بها أكثر من مليار مسلم، وليس بالضرورة أن المسلمين المحافظين هم على توجه القاعدة؛ فالبون واضح جداً، وهذه تداعيات السلوك العسكري: يبدأ بمقاومة الإرهاب وفقـاً للرؤيـة الأصوليـة الإنجيـلية للإدارة الأمـريكـية الحـالية، ثم ينخرط في «حرب دينية واسعة» على العالم الإسلامي، تتصل بتعديل جوهر الإسلام نفسه؛ ليتلاءم مع المصالح والأمن القومي الأمريكي، وهو ما يستفز العالم الإسلامي ويقوده للدفاع عن عقيدته في مواجهة الهجمة الأمريكية، وهنا يتسع الخرق على الراتـق، ويبدو العالم الإسـلامي وكأنـه المستـهدَف رغم أنهم قد لا يلتزمون منهجه أو طريقته.

بالطبع تقرير «عقول وقلوب ودولارات»(6) الذي عمد إلى تدشين إذاعات مثل: «سوا» تخاطب عقول الشباب المسلم عبر النكات والموسيقى باعتبار أن الديموجرافيا العربية قاعدتها الأهم هي الشباب، ومثل: «قناة الحرة» وغيرها من الأدوات التي تتصل بـ (ورش العمل) ودعم مراكز الأبحاث والأشخاص والمجلات والإذاعات والمدارس والمساجد في بلدان مهمة في العالم العربي والإسلامي، مثل: مصر وأندونيسيا ونيجيريا وباكستان وأفغانستان وتركيا والمغرب ـ هذا التقرير هو عمل كاشف لنا في العالم العربي والإسلامي، ولكنه يحمل في طياته الكثير من عوامل الفشل والإخفاق، وهناك العديد من الدراسات الأمريكـية التي نقدته من المنظور الأمريكي، وهذا مكرهم: {وَإن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْـجِبَالُ} [إبراهيم: 46] والله أشد مكراً {وَاللَّهُ خَيْرُ الْـمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54].

 

تقرير راند والمخططات الأمريكية (7):

صدر هذا التقرير المهم أيضاً في شهر فبراير عام 2004م بعنوان يسترعى الاهتمام: «الإسلام المدني الديمقراطي، الشركاء والموارد والإستراتيجيات»، والإسلام المدني أي: الإسلام العلماني الذي لا يستند لمرجعية الوحي هو الإسلام الأمريكي، ويعبر عنه كثير من الباحثين الغربيين بـ «تحديث الإسلام»، وهو يتحدث هنا عن الشركاء أي: الذين يشتركون معـ أمريـكا في فهـم الإسلام العصري أو الحداثي، وهم هنا من يسمون بـ «الإسلاميين الليبراليين».

في مقدمة التقرير تتناول الباحثة «شيريل برنارد» مسألة أن العـالم الإسـلامي يمـثل معـضلة أمنيـة وإستراتيجية للولايات المتحـدة الأمريكية والغرب، ومن ثم فلا بد من التدخل لضبط أوضاعه لصالح التناهي مع الديمقراطية الغربية «أمريكا والعالم الصناعي الحديث والمجتمع الدولي يفضل وبوضوح عالم إسلامي متناسق مع بقية المنظومة»، والتناسق مـع بقـية المنظـومة معنـاه بناء إسلامي علماني حداثي كما يقول التقــرير، ومن ثم فمجال العمل هو «علمنة الإسلام» نفسه عبر إعادة تشكيله من جديد وفق المصالح والقيم الأمريكية والغربية.

ويقسم التقرير الأمريكي الاتجاهات الفكرية في العالم الإسلامي إلى:

أولاً: الأصوليون: وهم الذين يرفضون القيم الغربية والديمقراطية، ويسعون لمقاومة التغريب ومقاومة الغرب ومناكفته، وهؤلاء يجب أن يكونوا هدفاً للتحالفات الأمريكية الجديدة التي تسعى لعزلهم وإنهاكهم بل والتخلص منهم(8).

ثانياً: الحداثيون: وهم الذين يرون اللحاق بالقطار الأمريكي أملاً يسعون إليه، وهؤلاء هم «الليبراليون الجدد» وهم تقريباً أقرب للملاحدة؛ فليس لديهم إيمان سوى بقيم اللذة والمتعة، والغرب لديهم ليس وجهة للحاق به ولكنه دين ومرجعية تنتظم عقولهم وأفكارهم وفقاً لها، هم لا يؤمنون بخصوصية لعالمنا الإسـلامي؛ فالـكل يجـب أن يـكون عولمياً بلا مرجعية أخلاقية أو دينية.

ثالثاً: العلمانيون: وهؤلاء يرون أن يكون الدين في الحياة الخاصة ويؤمنون بفصل الدين عن المجال العام. وبعضهم يتبنّى رؤى قومية أو وطنية أو يسارية.

رابعاً: التقليديون: وهم المتخرجون من المدارس التقليدية الإسلامية، مثل: الأزهر أو المدارس الإسلامية في باكستان وغيرها، وهؤلاء التقليديون ـ أي العلماء وطلبة العلم الذين درسـوا علوم الديـن بالطـرائق التـقليـدية وإليهـم ينـتـمي فـئة من العلماء المسلمين ـ وهم أداة تستخدمها أمريكا لمواجهة الأصوليين وعزلهم (هكذا يزعمون).

وتستند الإستراتيجية الأمريكية على الدعم المطلق للحداثيين والعصرانيين عن طريق:

ـ نشر وتوزيع أعمالهم بأسعار مدعومة، وتشجيعهم على التأليف للجماهير الواسعة والشباب، وإدراج آرائهم في مناهج التربية الإسلامية، ومنحهم أرضية مدنية، والأهم هو جعل أفكارهم وآرائهم في تأويل الدين متاحة لجمهور واسع على حساب الأصوليين والتقليديين الذين لهم مساحاتهم التي ينشرون فيها أفكارهم. والأخطر هو جعل العلمانية والحداثة خياراً ثقافياً محتملاً للشباب الإسلامي غير المثقف ثقافة إسلامية.

كما تستند على توظيف التقليديين في سياق الخطة الأمريكية لحصار الأصوليين؛ وذلك عن طريق:

ـ تعميق الخلاف بين الأصوليين والتقليديين، وترويج نقدهم لعنف الأصوليين، ومنع تحالفهم مع الأصوليين، والعمل على تقريبهم من الحداثيين، بل وتعليمهم وتكوينهم ليبقوا في مواقعهم في بعض الأماكن، مثل: آسيا الوسطى التي تنتشر فيها الحركات السلفية والجهادية، ودفع الحداثيين على الحضور بكثافة في مؤسسات التقليديين، واستغلال المذهبية التقليدية في مواجهة الوهابية التي تتبنى منظوراً جامداً وصلباً وفق الرؤية الأمريكية، ومن ثم لا بد من الإنفاق الذي يمثل مقابلاً مهماً للتيارات الجهادية والمقاومة للأمركة.

وتستند الخطة ـ أيضاً ـ على تحدي التأويل الأصولي للإسـلام، والتشهـير بالمنتسبـين إليه، وإظهار أنهم خارجون عن القانون، وتشجيع الصحافة على التشهير بالدوائر الأصولية المعادية للغرب، وتوجيه هذه الرسائل إلى دوائر الشباب المسلم التقليدي والأقليات المسلمة في الغرب والنساء، ثم تشجيع الانقسامات في صفوف الأصوليين.

وفي النهاية يتحدث التقرير عن دعم التيارات العلمانية التي تتبنّى الرؤى الأمريكية والتي ترى أن الأصوليين خطر على أمريكا والعالم، ومنع تحالف العلمانيين أو بعض فصائلهم مع القوى الإسلامية المعادية لأمريكا، وتأكيد أن الرؤية العلمانية التي تفصل بين الدين والدولة تقود إلى تقوية العالم الإسلامي وليس إضعافه.

في التحليل النهائي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدخول لعالم الإسلام الداخلي ممثلاً في العقيدة والفقه والحضارة والتاريخ ونظم الاجتماع والتشريع والتعليم والأحوال الشـخصية ونظـام التـأويل والتـفسير ومنـهج فـهم الإسـلام وما نعبر عنه اليوم بالسلفية أي: الالتزام بنظم وقواعد فهم التشريع التي وضعها النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والعلماء والفقهاء الذين التزموا هذا الفهم وتابعوهم عليه، وتغيير ذلك كله وتأسيسه من جديد؛ وتبدو أمريكا هنا كأنها فرقة جديدة إسلامية ضالة تسعى لبناء أبستمولوجي اجتماعي جديد لنظام فهم الإسلام، ومن ثم فلن يقدَّر لها النجاح.

الاتجاهات الأمريكية البديلة:

تسعى أمريكا لتشجيع الاتجاهات التي لا تمثل تهديداً للأمن القومي الأمريكي وهي بطبيعتها علمانية وفرق تعبر عن التخلف داخل العالم الإسلامي، ومن هذه الاتجاهات المرشحة بقوة:

أولاً: الفِرَق الصوفية الغالية، التي تتبنى عقائد مهرطقة.

ثانياً: الفرق الباطنية، وهي فرق إلحادية تُسقط التكليف، وتتحدث عن باطن للشريعة لا يعرفه إلا مشايخها، كما تتحدث عــن الحــلول والاتحـاد الذي يعـني أن كـل الأشياء واحدة، وأن أمريكا والعالم الإسلامي شيء واحد، وأن الإسلام والنصرانية شيء واحد. وهناك مفهوم وحدة الأديان في هذا السياق، وهو المفهوم الذي عبرت عنه أمريكا في مجلة «النيوزويك» حول بناء اتجاهات داخل الإسلام تراه نظاماً للصفاء الداخلي وليس نظاماً للكون والتشريع والعالم.

ثالثاً: الاتجاهات الشيعية في العالم الإسلامي ودعمها، كما هو حادث اليوم في العراق؛ خاصة الاتجاهات التقليدية، مثل: «اتجاه السيستاني» الذي يعمل لبقاء الهيمنة الأمريكية، ويعمِّق الطائفية على حساب أهل السنة والجماعة التي تراهم أمريكا أكبر خطر عليها في العراق والعالم؛ فالشيعة عبّروا عن مواقف طائفية في مواجهة أهل السنة والجماعة، ولذا تعمل أمريكا على تدعيم الاتجاهات الشيعية في كل منطقة يوجد بها أهل السنة، بـل واستنـساخ هـذه الاتجـاهات وإيجـادها مـن العـدم، كـمـا هو الحــال في مصر مثـلاً؛ حيـث تجـد دعـم الاتجاه الشـيعي من الصحف العلمانية.

رابعاً: الاتجاهات المعتدلة من الحركة الإسلامية، أو ما يطلق عليه «تيار الإسلام السياسي»، مثل: الإخوان المسلمين في مصر، وحزب الوسط في مصر، أو حزب العدالة والتنمية في المغرب، أو حزب العدالة والتنمية في تركيا، والتي تعد النموذج لحملة الدبلوماسية الأمريكية العامة، والتي تقوم على إمكانية التعايش بين الإسلام والحداثة.

خامساً: الفقهاء التقليديون في مؤسسات لها وزنها، مثل: الأزهر، ومحاولة الحصول منها على تنازلات فقهية في الفتاوى، مثل: فتاوى فوائد البنوك، وفتاوى الصلح مع اليهود، وفتاوى تحريم العمليات الاستشهادية، وإيجاد حالة اضطراب بين هذه المؤسسات العريقة وبين الجماهير المسلمة، عبر الضغط من أجل تنصيب شخصيات لا تحظى بالعلم الشرعي الذي يؤهلها لمناصب المشيخة والإفتاء.

سادساً: دعم الاتجاهات التي تراجعت عن أفكارها، مثل: الجماعة الإسلامية المصرية، والتي يتم الضغط عليها بشكل منظم لطرح توجهات فكرية تخدم التوجه الأمريكي الجديد، كما أوضحه تقرير «راند»؛ حيث نجد مدرسة جديدة في التأويل الفقهي والديني تبتعد بقوة عن القواعد الشرعية الحاكمة للتأويل والتفسير والفهم وتتجه إلى القواعد المصلحية والواقعية.

هذه تقريباً هي أهم الاتجاهات البديلة التي تخدم التوجه الأمريكي الجديد لبناء إسلام مدني ديمقراطي حداثي مختلف عن الإسلام الذي نزل على نبيّنا «محمد بن عبد الله» -صلى الله عليه وسلم-. وهو ما يؤكد أن المعركة بين الحق والباطل ستظل قائمة وإن اختلفت العصور والوجوه والتكتيكات والإستراتيجيات، وعلى أهل الحق أن يفيقوا وينتبهوا ويرابطوا ويثبتوا» {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إلَيْكَ إنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43].

 

 


(1)عن مصطلح حرب الأفكار ومشكلة المصداقية التي تواجهها أمريكا في العالم العربي، والتي جعلت (98%) من المصريين يكرهون أمريكا، بينما بلغت هذه النسبة (73%) في الإمارات. راجع: عبد الوهاب الأفندي، الولايات المتحدة تخسر الجولة الأولى في حرب الأفكار، القدس العربي، 23/ 5 / 2005 وهو مقال مهم وأنصح بقراءته .

(2) يروِّج «جورج بوش الابن» أن مفهوم صِدام الحضارات هو مفهوم داخل العالم الإسلامي، وليس بين الإسلام والغرب، وذلك لتبرير التدخل الأمريكي للّعب بعناصر الصدام هذه وتوظيفها لصالح مفهوم الأمن القومي الأمريكي.

(3) www. Carnegieendowment.org , Amr Hamzay, The west and Moderate ISLAM

وعلى هذا الموقع ستجد العشرات من المقالات في هذا الموضوع .

(4) كما قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ: «لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها». وفي موضوع السلفية وأن لكل أمة سلفيتها بما في ذلك أمريكا نفسها التي ترجع إلى الحضارة اليونانية والرومانية لتستلهم منها الكثير من الرموز والأفكار راجع مثلاً: سلمان داوود الصباح، في السلفية الغربية والعنف والتسامح، القاهرة: مجلة الهلال، يوليو، 2005، ص 102 وما بعدها .

(5) محمد السطوحي، فوكوياما يتحدث إلى وجهات نظر، مجلة وجهات نظر، مارس، 2002، ص 10 وما بعدها .

(6) عن الجدل حول التقرير راجع مثلاً: روبرت ستالوف، تقرير دجيرجيان عن الديبلوماسية العامة، الانطباعات الأولى في www.alshaqalarabi.org.uk

بتاريخ 3/12/ 2003، وروبرت ستالوف هو أحد الصقور الاستئصالية داخل الإدارة الأمريكية، وهو مدير التخطيط السياسي بمعهد واشنطن، وأيضاً نفس الموقع مارتن كرامر وموفق حرب، الصراع من أجل قلوب وعقول الشرق أوسطيين بعد 11 سبتمبر 13/3/2003.

(7) اعتمدنا على ترجمة للتقرير الذي أعدته مؤسسة «راند» الخيرية الأمريكية وثيقة الصلة بشركات إنتاج الأسلحة الأمريكية، وهي تتولى صياغة مناهج التعليم في العديد من البلدان الخليجية، مثل: قطر والكويت، والتقرير تضمن في نسخته الإنجليزية، مقدمة وثلاثة فصول وملخصاً وأربعة ملاحق وقائمة مراجع وتعريفاً بالمصطلحات المستخدمة.

(8) وعن مفهوم الأصولية راجع : يحيى ولد البراء، الأصولية في العالم المعاصر، الحياة 8/5/2004م.

 



مقالات ذات صلة