الـغـزو الـشـيـعـي لفلسـطيـن

بواسطة شبكة الراصد الإسلامية قراءة 2444

الـغـزو الـشـيـعـي لفلسـطيـن

 

إعداد: شبكة الراصد الإسلامية

www.alrased.net

 

1-    توطئة:

الإعلان الأخير عن إنشاء مجلس شيعي أعلى في فلسطين، والتراجع عن ذلك بعد أيام، ردود فعل منددة ومستغربة. ومنبع التنديد يعود إلى علم المسلمين في فلسطين وخارجها بأهداف ومرامي هذا المجلس، وعموم المؤسسات والهيئات الشيعية التي يتم إنشاؤها هنا وهناك، لنشر الأفكار الضالة، والإساءة لعقائد المسلمين السنة ورموزهم.

أما الاستغراب فيعود إلى علم الجميع بأن فلسطين دولة سنيّة، ولا وجود لأقلية شيعية، فلماذا يقوم تجمع أو مجلس شيعي في دولة أهلها سنّة. لكن المهتمين المتابعين للتمدد الشيعي في الدول الإسلامية، لم يجدوا الإعلان عن إنشاء "المجلس الشيعي الأعلى في فلسطين" أمراً مفاجئاً، ذلك أن إيران وبعض الجهات الحليفة لها تبذل جهوداً كبيرة، ومنذ سنوات طويلة، لنشر المذهب الشيعي في جميع دول العالم، وبخاصة في الدول السنيّة.

وهذا الإعلان عن إنشاء مجلس شيعي، ثم التراجع عنه بعد أيام يحمل أكثر من دلالة في طياته، ومن ذلك وجود مشروع شيعي تبشيري يعمل على الأرض الفلسطينية، ويبدو أن بعض المتشيعين قد استعجل الظهور للعلن قبل تهيئة الأوضاع، مما دعا حتى قادة الجهاد القريبين من إيران والشيعة للتنصل من هذا المجلس، كما أن سمعة الشيعة اليوم سيئة على المستوى الإسلامي والعربي بسبب موقفهم المتواطئ والمتعاون مع القوات الأمريكية في العراق أو السكوت والتغاضي كحال حزب الله في لبنان، كما أن تزايد مطالب التجمعات الشيعية في الدول العربية بسبب صعود شيعة العراق، أثار انتباه الحكومات العربية لمثل هذه التحركات مما يؤكد وجود مخطط لإنشاء الهلال الشيعي.

ويحمل المجلس الشيعي هذا معه بذرة اختراق شيعية جديدة للمجتمع الفلسطيني، فهو يمثل نجاحاً لأناس خططوا ووجدوا من يدعمهم في مقابل فوضى وتقصير أهل السنة. وقد تعودنا من متابعتنا لأسلوب العمل الشيعي أنهم يلجأون إلى إنشاء الهيئات والمؤسسات بكثرة وبأسماء ضخمة مثل (المجلس الأعلى، المجلس العالمي) مع أنهم لا يتجاوزن أحياناً أصابع اليد الواحدة! ويفعلون ذلك لإيهام المسلمين أن عدد الشيعة في هذا البلد أو ذاك كبير، كما أن الشيعة لن يكتفوا بهذا بل سيصعدون مطالبهم كالعادة مع الأيام للحصول على مكاسب لا يستحقونها.

نعم، إن عدد الشيعة الحالي في فلسطين صغير جداً، وأعداد المتشيعين الحالية لا تدعو للقلق، لكننا مطالبون بالوقوف تجاهه وقفة جادة ومحذرة، فنشر التشيع في فلسطين علاوة على بعض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يهدف إلى إثارة الفتنة بين الفلسطينيين، وصرفهم عن قضيتهم الأساسية في مقاومة الاحتلال.

2- دخول التشيع إلى فلسطين قديماً:

شهدت فلسطين فيما مضى فترات طرأ فيها التشيع وانتشر وذلك في القرن الرابع الهجري، خاصة تلك الفترة التي سيطرت فيها الدولة العبيدية الشيعية الإسماعيلية على بلاد الشام، فقد حاول العبيديون الفاطميون الذين كان مقرهم في القاهرة نشر مذهبهم في الأقاليم المختلفة، ومنها فلسطين. وكان الدعاة في الأقاليم يؤدون المهمة التي كان داعي الدعاة في القاهرة يكلفهم بها من الدعاية للمذهب الشيعي الإسماعيلي.

وأنشأت الدولة العبيدية لذلك في بيت المقدس "دار العلم الفاطمية" وكانت فرعاً لدار العلم الفاطمية بالقاهرة التي أسسها الحاكم بأمر الله، سادس الحكام العبيديين  (395هـ/ 1004م)، واتخذوا هذه الدار مركز دعاية للمذهب الشيعي، فكان لها أكبر الأثر في انتشار هذا المذهب في فلسطين، وظل هذا المعهد في القدس حتى سقطت بيد الصليبيين([1]).

وقد زار الرحالة الإسماعيلي ناصر خسرو فلسطين سنة 437هـ/ 1045م وقال "إن عدد سكان القدس نحو عشرين ألفاً جلّهم شيعة". ووصف ابن جبير المذاهب المنتشرة في فلسطين في القرن السادس الهجري أثناء زيارته لها، فقال: "وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين، وقد عمّوا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى، منهم الرافضة والإمامية والإسماعيلية والزيدية والنصيرية".

وحين سقطت دولة العبيديين على يد صلاح الدين الأيوبي سنة 567هـ/ 1171م وقامت في مصر والشام الدولة الأيوبية، هدأت حركة التشيع، واختفى أنصارها عن الأنظار، فقد عمل صلاح الدين على نشر السنة ومذهب الإمام الشافعي، وأنشأ لذلك المدارس ودور العلم، وعمل على مقاومة ما غرسه العبيديون في نفوس الناس من عقائد باطلة... وهكذا انقطع الشيعة عن الناس، وأحاطوا أنفسهم بالسرية التامة ([2]).

ومع عهود الضعف والاضطراب ظهرت من جديد جيوب شيعية في فلسطين، ففي عهد أحمد باشا الجزار الوالي العثماني، وقعت بينه وبين الجيوب الشيعية وقائع كثيرة منها ما جرى سنة 1195هـ/1780م في قرية يارون القريبة من صفد. وقد لجأ جماعة منهم إلى عكا، فاستأمن الجزار بعضهم، وسجن آخرين، ثم انشغل عنهم بالحملة الفرنسية على الشام، فلما انسحب الفرنسيون عاد الجزار من جديد إلى محاربة الشيعة لفترة امتدت زهاء عشر سنوات، وأحرق كتبهم ([3]).

     ووقف العثمانيون أمام محاولات الشيعة المتكررة لنشر وترسيخ مذهبهم في فلسطين، وبعد سقوط الدولة العثمانية ووقوع بلاد الشام تحت الاحتلال الفرنسي والبريطاني وتقسيم المنطقة، تم ضم بعض قرى جنوب لبنان الشيعية في حدود فلسطين حين جرى رسم الحدود عام 1927م.

        كما أن ثمة أسباب أدت إلى تسرب التشيع إلى فلسطين في الوقت المعاصر أبرزها:

1ـ انخداع كثير من الفلسطينيين بالثورة الخمينية بسبب خطابها الثوري الذي رافقه نشر الدعاية للمذهب الشيعي.

2ـ دعم إيران لبعض الأحزاب والفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها "حركة الجهاد الإسلامي"، مما نتج عنه تشيع عدد من قادتها وأفرادها فيما بعد كما سنبين ذلك لاحقاً.

  3-انبهار كثير من الفلسطينيين بتجربة حزب الله الشيعي اللبناني، الأمر الذي جعل بعضهم يتبنى أفكار وعقائد هذا الحزب. بالإضافة لنشاط حزب الله في المخيمات الفلسطينية في لبنان.  

3- حركة الجهاد الإسلامي والتشيع:

 يرجع تأثر حركة الجهاد بالشيعة إلى بداية تأسيس الحركة، فقد كان د. فتحي الشقاقي رحمه الله، مؤسس الحركة وأول أمين عام لها، من المتأثرين بالشيعة والثورة الإيرانية.

ويروي الأمين العام الحالي لحركة الجهاد د. رمضان شلح ([4]) أنه عندما اندلعت الثورة الإيرانية في فبراير/ شباط 1979م، طلبوا من الدكتور الشقاقي أن يشرح لهم أبعاد حركة الخميني، وأهدافها، لأن المقربين من الشقاقي وأنصاره لم يكونوا ملمين بحقيقة ما جرى، يقول شلح: "في البداية قرر أن يكتب دراسة في حدود عشر صفحات حتى يقرأها الجميع، لكن الفكرة تطورت إلى كتيب يطبع ويوزع في الأسواق" ([5]).

وقد وصل حماس د. الشقاقي رحمه الله للثورة الإيرانية إلى الحد الذي جعله يقول: "إنها المرة الأولى منذ أكثر من مئة عام يملك فيها الإسلام أرضاً وحكومة وشعباً بمثل هذه الروح الاستشهادية" ([6]).

وقد كان أغلب المؤسسين لحركة الجهاد من المتعاطفين مع الثورة الخمينية، كعبد العزيز عودة وأسعد بيوض التميمي الذي تبرأ آخر حياته من الشيعة كما يؤكد ذلك أبناؤه، وقد انعكس هذا على إستراتيجية الحركة التي اعتبرت التحالف مع الثورة الإيرانية ركيزة أساسية في إستراتجيتها ([7]). ولذلك كان من المنهاج الثقافي للحركة دراسة أدبيات الثورة الإيرانية.

وتعتبر الفترة التي قضاها بعض قادة الجهاد، في الداخل، في مخيم مرج الزهور بجنوب لبنان فترة حاسمة، فقد تبين أن جلسات مطولة ومنتظمة كانت تتم بين حزب الله ونشيطين من "الجهاد الإسلامي". ونتج عن هذه اللقاءات تبني بعض قادة الحركة التشيع خلال وجوده في "مرج الزهور"، وبدأ بالعمل الشيعي بعد ذلك بشكل سري ومنظم، وكان يتم تدريس التشيع بين أفراد ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي بسرية تامة، ولم يظهر أي أثر للتشيع حتى بداية انتفاضة الأقصى سنة 2000م، حيث بدأت تطفو على السطح الحركات المسلحة، ومنها "الجهاد الإسلامي"، فانتهزوا الفرصة، وأظهروا التشيع علناً مستغلين حالة الفوضى، وانشغال المسلمين بمقاومة اليهود، واستغلوا عاطفة المسلمين مع كل من يحمل السلاح.

 وقاموا بإنشاء عدة مؤسسات، خاصة في محافظة بيت لحم، مثل اتحاد الشباب الإسلامي، وهو عبارة عن جمعية خيرية دعوية أنشأت فيه نادياً للشباب فيه كثير من المغريات لاستقطاب أكبر عدد، كذلك تم إنشاء مستوصف الإحسان الخيري، ومستوصف السبيل، ومركز نقاء الدوحة الجراحي، ومدرسة النقاء ومركز النقاء النسوي. وإضافة إلى فتح دور للقرآن الكريم في المساجد، وتقديم دعم مالي لطلاب الجامعات، واعتماد راتب شهري للمنتسبين إليهم. ومؤخراً قاموا بشراء مبنى في بيت لحم بقيمة 300 ألف دولار.

وفي 24/3/2000م نشرت مجلة الوطن العربي تقريراً بعنوان "خطة إيرانية لنشر المذهب الشيعي في أوساط الفلسطينيين"، تطرق إلى الجهود الإيرانية التي تبذل من خلال "حركة الجهاد " لنشر التشيع في الأراضي الفلسطينية، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بمساعدة حزب الله الشيعي اللبناني، احتوى على المعلومات التالية والتي تحقق قسم منها على أرض الواقع بالفعل:

في بداية عام 2000، كشفت بعض التقارير الاستخبارية الفلسطينية دلائل عن تزايد مظاهر "التحول الفكري والديني" الذي استشرى بشكل خاص في صفوف حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وذلك من خلال ظاهرة "تشيع" لفتت الأنظار بقيام عدد كبير من أعضاء "الجهاد" باعتناق المذهب الشيعي.

وأشارت التقارير إلى أن عمليات التشيع لم تحظ بإجماع من قادة الحركة، إذ وصف الرافضون هذه الظاهرة بأنها "ظاهرة مصيرية قد تؤدي في النهاية إلى القضاء على القاعدة الفكرية والدينية التي تستند إليها الحركة منذ انطلاقتها، إضافة إلى انعكاساتها المحتملة، على القاعدة الشعبية في مجتمع متدين ومن مذهب آخر".

أما المسئولون الفلسطينيون وبعض القيادات الإسلامية فقد نبع خوفهم من "مخطط تجذر العلاقة بين (الجهاد) وإيران إلى ارتباطات دينية وفكرية تذهب أبعد من الارتباط المالي أو الدعم السياسي أو العسكري".

واعتبر هؤلاء المسئولون أن تواجد عناصر شيعية على الساحة الفلسطينية سيخدم إيران في جانبين:

1ـ سيكون للشيعة موطئ قدم في فلسطين.

2ـ أن ولاء هذه العناصر سيكون لإيران أكثر من أي ولاء آخر, مما سيؤدي بهؤلاء لتنفيذ عمليات بأوامر إيرانية ولمصلحتها خلافاً للرغبة والمصالح الفلسطينية.

وقد لعب حزب الله دوراً في إنجاح هذا المخطط، عبر انضواء حركة الجهاد تحت لواء الحزب في إطار الجهاد العملياتي الذي يقوده رئيس جهاز العمليات الخاصة في الحزب عماد مغنية، وتم مناقشة تعيين إيران ممثلاً لها في قيادة الحركة، تماماً كما يوجد هناك ممثلون لإيران في اجتماعات مجلس الشورى التابع لحزب الله.

وعلى صعيد نشر التشيع في صفوف أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، فقد أشارت "الوطن العربي" إلى أن عماد مغنية قام في شهر فبراير/ شباط سنة 2000م بزيارة سريّة إلى طهران اجتمع خلالها مع قاسم سليماني ([8]) رئيس قوات القدس في الحرس الثوري الإيراني، وأطلعه على نجاح المراحل الأولى في الخطة، والصعوبات التي واجهتها.

كما أطلعه على نجاح حزب الله ـ عبر المتعاونين معه في أجهزة الحكومة اللبنانية ـ في منح الجنسية اللبنانية لعدد من أعضاء حركة الجهاد الذين اعتنقوا المذهب الشيعي.

ومن بين الذين تشيعوا من عناصر الحركة في المخيمات: شريد توهان من مخيم الرشيدية في لبنان، ومحمد قدورة من صور، ومسؤول الحركة في جنوب لبنان محمد المجذوب.

وبحسب المقال فإن إيران كانت قد عزّزت من وجودها في المخيمات في عام 1999م من خلال الحرس الثوري الإيراني، "وتمت الاستعانة برجال دين شيعة من أجل تعميق المذهب الشيعي لدى المتشيعين الجدد. كما سيقوم الإيرانيون بالعمل من أجل منح الجنسية اللبنانية لبعض هؤلاء المتشيعين بمساعدة حزب الله من أجل تخفيف القيود على تحركاتهم في لبنان وخارجها في مهام متعددة، وسيتم العمل من أجل إعادة عدد منهم إلى داخل فلسطين لإنشاء خلايا تعمل حين الطلب منها حسب التوجيهات الإيرانية".

وعُرف من بين الذين تشيعوا من أبناء الحركة في الأراضي الفلسطينية: إبراهيم بارود ويحيى جبر ومحمود زطمة ونسان الطحايلة الذي تحول إلى "شيعي متطرف".

واعتمدت إيران لإنجاح مخطط التشيع في فلسطين بالمخيمات، مبالغ مالية ضخمة تصل عن طريق "مؤسسة الشهيد" الإيرانية، وتم توزيع كميات كبيرة من كتب الشيعة بين أعضاء الحركة، من بينها كتب ألفها علماء شيعة، والبعض الآخر لعناصر من السنة اعتنقوا التشيع، مثل  كتاب (لماذا اخترت مذهب الشيعة) لمحمد مرعي الأنطاكي.

وبحسب "الوطن العربي"، فإن اعتناق التشيع لم يبق حكراً على أعضاء الحركة في فلسطين ولبنان، بل تجاوزه إلى القياديين في عدة بلدان أمثال: بشير نافع في لندن، وهو أحد مؤسسي الحركة الذي تربطه علاقات حميمة مع أمين عام الحركة رمضان شلح. وكذلك اعتنق التشيع ممثل الحركة في إيران محمد الطوخي.

وقد أحدثت هذه الظاهرة شرخاً في صفوف الحركة، وبدأت تظهر تساؤلات عن موقف القيادة وتحديداً د. شلح، الذي أكد بعض القياديين معرفته بحجم الظاهرة وأبعادها، لكنه لا يبذل أي جهد للحد من انتشارها، ذلك أن مصير الحركة يتوقف على مدى ارتباطها بإيران.

وكانت أولى انعكاسات ظاهرة التشيع على العلاقة بين الجهاد وحركة حماس، إذ كانت بعض أوساط حركة حماس تبدي قلقها من التشيع، وتشن حملة ضد المتشيعين، وتطور ذلك إلى اشتباك بين أنصار الحركتين في سجن "مجدو" الإسرائيلي في فبراير/ شباط 2000م، وقد عبر الإيرانيون وحزب الله عن استيائهم من الهجوم الذي تعرض له أفراد الجهاد على يد أنصار حركة حماس، وطلب المرشد الإيراني علي خامنئي تشكيل لجنة خاصة للحيلولة دون تعرض أفراد "الجهاد" لاعتداءات.

وإضافة إلى ما ورد في مقال "الوطن العربي" فإن الصحف والمواقع والمجلات الشيعية تشير دائماً باعتزاز إلى المتشيعين، وتسرد قصصاً عن حياتهم واعتناقهم للتشيع تحت وصف " المستبصرين " ، ونحن بدورنا نشير إلى بعض هؤلاء من الذين تعدهم الكتب والمجلات والمواقع الشيعية متشيعين، ونقصر الحديث هنا عن أهل فلسطين:

د. فتحي الشقاقي الأمين العام السابق لحركة الجهاد،الذي اغتالته إسرائيل عام 1995م. يقول الشيعة إنه كان يردد مراراً: "لقد تربينا على كتب الشهيد محمد باقر الصدر يوم كنا في فلسطين في السبعينات، وفكر الإمام الخميني" ([9]). وكونه شيعياً ليس صحيحاً لكنه كان متعاطفاً مع الفكر الشيعي، وقد ألف في ذلك كتاب "السنة والشيعة ضجة مفتعلة" . وهنا يجب على قيادة الحركة إعلان اعتراضها على ذلك رسمياً.

نافذ عزام، المتحدث الرسمي باسم حركة الجهاد في قطاع غزة. ويروي د. أحمد راسم النفيس، وهو أحد كبار المتشيعين في مصر، عن لقائه مع نافذ عزام ومعايشته له خلال عشرة أشهر، قضاها في السجن في مصر في عام 1982م، ويصفه بقوله: "... ذلك المجاهد الذي رسّخ في قلبي حب القائد العظيم (روح الله الخميني) لقد كان ذلك المجاهد جزءاً من مجموعة الشهيد - بعد ذلك - الدكتور فتحي الشقاقي التي رافقتنا في تلك الرحلة حتى قرب نهايتها ولازلت أذكر كلماته عن ذلك الأمل الذي تمثله الثورة الإسلامية في إيران بالنسبة للشعب الفلسطيني المظلوم، ولقد كان الرجل من الصادقين في توقعاته" ([10]).

محمد شحادة، من مواليد بيت لحم سنة 1963م، وأحد قادة حركة الجهاد، وأحد مبعدي مرج الزهور، حيث تأثر هناك بمجاهدي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وقد تعهد في مقابلة مجلة المنبر الشيعية المتطرفة بنشر المذهب الشيعي في فلسطين. وقد أصبحت مدينة بيت لحم حيث يسكن محمد شحادة مركزاً للشيعة في فلسطين ([11])، وله فيها أتباع يعلنون تشيعهم ويعتدون على من يعترض عليهم، ولذلك رشح شحادة نفسه للانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة سنة 2006 في محافظة بيت لحم، رغم مقاطعة حركة الجهاد الإسلامي للانتخابات.

وقد اعتبر شحادة أنه تعرض لمضايقات من الحركة بعد اعتناقه التشيع، إذ يقول: "أخوض الانتخابات مستقلاً، بعد أن رأيت من كنت معهم لا يستطيعون تحمل وجودي باعتباري شيعياً، وبعد أن تشاورت مع من يدعمني ويؤازرني من شباب الجهاد الإسلامي، والفصائل الأخرى" ([12]).

وعن انتقاله إلى التشيع والمرحلة التي سبقت ذلك يقول:

"كنت أحد مقاتلي حركة فتح الفلسطينية منذ كان عمري 16 عاماً، وقد اعتقلت إثر ذلك في العام 1980م، وحكم عليّ بالسجن خمسة وعشرين عاماً، ثم أفرج عني في عملية تبادل الأسرى العام 1985م، بعدها تكررت عمليات اعتقالي لعدة أعوام بلا محاكمة بتهمة الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي التي نشطت فيها بعد خروجي من فتح، ومن ثم أبعدتني قوات الاحتلال إلى مرج الزهور في جنوب لبنان لمدة عام خلال الانتفاضة المجيدة العام 1992م...

في تلك الفترة أحسست بمعنى أن تكون مظلوماً، وقد تعمق هذا الشعور عندي والرغبة بالانتصار على الظلمة بعد الثورة الإسلامية في إيران المسلمة، حيث دفعني ذلك إلى القراءة المستفيضة عن الثورة الإسلامية ومرتكزاتها الفكرية التي تنطلق من التشيع لآل البيت النبوي... بقيت القراءات تدور في إطارها النظري إلى أن تم إبعادي إلى مرج الزهور كما أسلفت حيث عايشت الممارسة الحقة للفكر الإسلامي من قبل مجاهدي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الذين كانوا يزوروننا في المخيم" ([13]). ولعل هذا من أهم النتائج التي حصلت عليها إسرائيل من قضية الإبعاد، وهو نقل التشيع إلى داخل فلسطين مع تسهيل عملية التعارف بين قادة الداخل وقادة حزب الله بطريقة لا تثير الشكوك!!!

محمد عبد الفتاح غوانمة: رئيس "المجلس الشيعي الأعلى في فلسطين"، الذي أعلن عن قيامه وإنهائه مؤخراً!! تأثر بالتشيع من خلال احتكاكه بعناصر من حزب الله اللبناني في المعتقلات الإسرائيلية. وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل: هل أفرجت إسرائيل عن عبد الكريم الديراني ومصطفي عبيد وهما من قادة حزب الله تم بعد نجاحهما في مهمتهما، حيث لم يمضِ عامان على الإفراج عنهما حتى أعلن عن قيام " المجلس الشيعي الأعلى لفلسطين " ؟؟

وغوانمة أحد العناصر السابقة في حركة الجهاد، وهو يقيم في مخيم الجلزون في رام الله، ويؤكد أن خطته الحالية هي بناء مسجد شيعي في رام الله، ويعترف بوجود علاقات قوية بين المتشيعين في فلسطين، وبين إيران وشيعة لبنان) [14](.

5ـ محمد أبو سمرة، رئيس ما يسمى "الحركة الإسلامية الوطنية" وهو متزوج من شيعية، وله ارتباط بالسلطة الفلسطينية، ومراجع الشيعة خارج فلسطين، وله مركز القدس للدراسات والبحوث، الذي يقوم بنشر كتب الشيعة على أنها كتب دينية.

المهندس معتصم زكي، وهو عضو سابق في حزب التحرير. يقول عن التشيع في فلسطين: "خلال السنوات الثلاث الأخيرة، انتشر التشيع في عدد من مدن غزة، وبشكل أقل في مدن بالضفة، هناك العشرات من الشيعة في قلقيلية، والعديد منهم في نابلس وطولكرم وغيرها، وهذا إنجاز رهيب حتى الآن".

ويروي معتصم هذا عن استدعائه من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية للتحقيق معه بسبب لعنه لأبي بكر وعمر. ويقول إن أغلب المتشيعين في فلسطين، إنما "يستبصرون" بسبب حسن نصر الله، أمين عام حزب الله.

د. أسعد وحيد القاسم، من مواليد سنة 1965م، وله بعض المؤلفات، وهي: تحليل نظم الإدارة العامة في الإسلام، وحقيقة الإثنى عشرية، وأزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة ، وكان تشيعه في الفلبين أثناء دراسته، نتيجة النشاط الإيراني التبشيري.

انتسب في صغره إلى جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، وتأثر في بداية شبابه بكتاب (المراجعات) لشرف الدين.

من أقواله: "لا أرى التشيع في فلسطين قد أصبح ظاهرة، وقد يكون التشيع في مصر والسودان وبلاد الشام أقوى بكثير مما عليه في فلسطين") [15](.

أشرف أمونة، ويعيش في فلسطين المحتلة عام 1948م، ويشرف على جمعية مرخصة من سلطات الاحتلال في دبورية ـ قضاء الجليل ـ، وهي "الجمعية الجعفرية" التي ترعى هيئات منها: حسينية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومكتبة الزهراء عليها السلام، ومجلة السبيل.

إبراهيم كرام، من بيت لحم، وهو مقيم حالياً في النمسا.

وهكذا يتضح أن عدم الوضوح العقائدي لدى قادة الجهاد نتج عنه انخداع بحقيقة الثورة الإيرانية في البداية ثم تطور لنوع من التعاطف والتأثر، وتصاعد حتى وصل ببعضهم لإعلان التشيع الصريح .

وهذا يرتب على قيادة الحركة إعادة النظر في هذه القضية الخطيرة، بحيث لا تغطى الاعتبارات السياسية والحركية على عقيدة الحركة وعقيدة الشعب الفلسطيني من جهة، كما أن الحركة عليها الإعلان بوضوح عن رفضها لتشييع الشعب الفلسطيني، ورفضها لأي ضغوط إيرانية أو من حزب الله لدعمها بشرط السير في ركاب التشيع.

والحركة مطالبة أيضاً بتقديم برامج ثقافية لكوادرها وعامة الشعب الفلسطيني ترسخ عقيدة أهل السنة مثل منزلة الصحابة الكرام، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقضية الإمامة والخلافة، ومكانة أهل البيت دون غلو الشيعة، وغيرها من المسائل التي يراد من خلالها حرف الشعب الفلسطيني عن عقيدته ومنهجه.  

4- تصدير التشيع وحماس!

تعتبر حركة حماس امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، وهي قد ظهرت للعلن بهذا الاسم عام 1987م مع بداية الانتفاضة الأولى، وقد تشكلت حماس نتيجة جهود متعددة منها جهود الشيخ عبد الله عزام، وإخوان فلسطين في الكويت، و الشيخ أحمد ياسين وإخوانه في فلسطين.

وبسبب اغتيال عزام عام 1989م، أصبح الدور الخارجي لحماس مناطاً بالإخوان المسلمين الفلسطينيين في الكويت، و الذين يشكلون غالبية المكتب السياسي لحماس، ولنشاط الدعوة السلفية في الكويت تأثر إخوان الكويت بالسلفية مما أوجد وعياً بأبعاد الخلاف العقدي بين السنة والشيعة، ولذلك كانت حماس تتصدى لمحاولات تشييع الفلسطينيين، من قبل حركة الجهاد وإيران، لكن بعد ما مرت به حماس من ظروف أوهنت علاقتها بالدول السنية المعتدلة كالسعودية ومصر والأردن، جعلها تعتمد أكثر على إيران وسوريا، والعجيب أن حماس والدول السنية المعتدلة، يشوب علاقتهم أحياناً تشدد على قضايا، يتم التساهل فيها مع الأطراف الأخرى كإيران وسوريا !!

لقد شكل اعتماد حماس على إيران وسوريا، نقطة ضعف في موقف حماس من نشر التشيع بين الفلسطينيين، فحماس تعلم بالنشاط الشيعي في أوساط المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا، وتعلم حماس بما يلاقيه الفلسطينيون في منطقة البلديات ببغداد على يد قوات جيش المهدي وفيلق بدر الشيعيين، كما أن حماس لا يخفى عليها حقيقة مواقف حزب الله من إسرائيل، وما يقوم به حزب الله من تلاعب بعواطف الفلسطينيين بقصة الأسرى، وحماس لا تجهل سكوت حسن نصر الله وتواطؤه مع شيعة العراق في التعاون مع الأمريكان.

وبسبب الاعتماد على إيران وسوريا، وبسبب ظروف البعد عن مرجعيات حماس الشرعية أيضاً، وبسبب كون جماعة الإخوان المسلمين في الأصل تتبنى نوعاً من التساهل تجاه العقيدة الشيعية حيث كان المؤسس الأستاذ حسن البنا من الناشطين في لجنة التقريب بين السنة والشيعة ([16])، كما أن جماعة الإخوان كانت تعتبر جماعة نواب صفوي " فدائيان إسلام " في إيران بمثابة جماعة الإخوان في إيران، ونواب صفوي كان شيعياً متطرفاً إلى حد القتل، حيث تمكن من قتل الشيخ أحمد كسروى بعد عدة محاولات لاغتياله لأنه تحول لمذهب أهل السنة([17])، لكل هذه الأسباب حصل نوع من التساهل من قيادات حماس تجاه النشاط الشيعي، بل لقد وصل إلى حد التأثر أحياناً، ولعل المواقف التالية تظهر ذلك بشكل أوضح:

1-      مشاركة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، في طقوس عاشوراء التي يقيمها حزب الله في لبنان.

2-  بعض تصريحات قادة حماس، والتي تصرح بالتحالف الإستراتيجي مع إيران، مثل تصريح عماد العلمي ممثل حماس السابق في طهران وعضو المكتب السياسي ([18]).  

3-      الثناء الدائم من قيادات حماس على حزب الله.

4-      تأثر ممثل حماس في لبنان ومن ثم طهران أسامة حمدان، بالمذهب الشيعي حتى كاد أن يصبح  شيعياً معمماً.

5-  التصريح المنسوب لخالد مشعل مؤخراً في طهران:" بأن حركة حماس هي الابن الروحي الخميني "([19]). وهذا التصريح فيه إساءة بالغة لحماس، يجب على الحركة تصحيحها.

فهذه المواقف لا تبشر بخير للأسف، ويجب تدارك هذا التقصير والخلل، بوضع الأمور في نصابها، من حيث ضبط العلاقة مع إيران وحزب الله وسوريا من جهة، وبناء موقف سياسي شرعي واضح من جهة أخرى.

كما أن على حركة حماس في الداخل التصدي بقوة لمحاولات تشييع الشعب الفلسطيني، وخاصة أنهم الآن في موقع المسؤولية التشريعية والتنفيذية ولها نفوذ قوى في الشارع الفلسطيني.

ومن الأمور التي نأمل أن تقوم بها حماس، زيادة الاهتمام بالجانب الشرعي والعقدي خاصة في هذه المرحلة التي يدعم بها اليهود الفرق الضالة لنشر عقائدهم مثل البهائية والقاديانية وغيرها، من خلال منابر حماس الإعلامية وخاصة القناة الفضائية التي تؤسسها حماس.

كما على حماس منع أي تجاوز على العقائد الإسلامية من قبل المتشيعين في فلسطين كما يحصل من محمد شحادة وأعوانه في بيت لحم.  

 

 

 1ـ الموسوعة الفلسطينية ـ القسم الأول ج2 ص653.

2، 3ـ المصدر السابق.

4ـ في عين العاصفة حوار مع رمضان شلح ـ غسان شربل ص73.

        5 ـ هذا الكتيب هو "السنة والشيعة ضجة مفتعلة ومؤسفة" وفيه يحاول الشقاقي إثبات أن مذهب الشيعة لا يختلف عن مذهب السنة، ويدعو إلى التقريب بينهما ويمجد ثورة الخميني.

6 ـ السنة والشيعة ضجة مفتعلة ، ص 96.

         7  - الفصائل الفلسطينية من النشأة وإلى حوارت التهدئة ، مركز الأهرام ص 104 . و موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا ص 228 .

[8]  -  تتداول بعض التقارير الصحفية أن سليماني له علاقات بجماعة أبو مصعب الزرقاوي ،وذلك في إطار التحرك الإيراني للاستفادة من خصومها في تحقيق مصالحها ، وهذه هي سياسة إيران التي نشرت بعنوان الخطة الخمسينية ، انظر بحث " أضواء على الخطة السرية ، دراسة في الأسلوب الجديد لتصدير الثورة الإيرانية " بموقع البرهان دوت كوم .

9 - ) كتاب" المتحولون " ، لهشام قطيط  1/559 . 

10 ) رحلتي مع الشيعة والتشيع في مصر ـ أحمد النفيس ص28.

11 ) كتاب " المتحولون " ، لهشام قطيط  1/707 . 

12 ) ـ صحيفة الغد 26/1/ 2006.

       13 ) ـ صحيفة الغد 26/1/ 2006.

14 ) ـ صحيفة دنيا الوطن (غزة) 4/3/2006.

 15) ـ المتحولون حقائق ووثائق ـ هشام آل قطيط ص 481.

16 – يمكن الرجوع لكتاب " إيران و الإخوان المسلمين " لعباس خامه يار ، لمزيد من المعلومات.

17– يمكن الرجوع لكتاب حتى لا ننخدع ص 169 .

18– حماس الفكر و الممارسة السياسية ، لخالد الحروب .

19 – وكالة مهر الإيرانية للأنباء 22/2/2006م .



مقالات ذات صلة