إيران ولعبة الأوراق الفلسطينية

بواسطة محمد الشاعر قراءة 1690

إيران ولعبة الأوراق الفلسطينية

 

غزة – محمد الشاعر

 

إنَّ مما يعاني منه أهـل التوحيد اليوم في جنبات العالم الإسلامي هي تلك التخبطات والأفكار المنحرفة التي ظهرت في كثير من شباب أمة الإسلام نتيجة انبعاث أصحاب هذه الأفكار من جديد بدعم لا يخفى من أعداء الإسلام، والمدهش في الأمر أنه وبعد اندحار مثل هذه الأفكار نجد من يجـتهد في إحيائها مرة أخرى من جديد من أبناء جلدتنا بحجج واهية يمجها العقل والواقع، هؤلاء وأمثالهم هم شرُّ على الأمة من حيث علموا أم لم يعلموا ولا حول ولا قـوة إلا بالله تعالى ، ولم يكتف هؤلاء بهذا الشرِّ الذي يحملونه من المعـتقدات الفاسدة التي لا توصل صاحبها إلا إلى الحضيض، بل نجدهم وفي الوقت نفسه قد مالوا إلى الرافضة شرِّ أهل هذا الزمان وكأنَّ الطيور عـلى أشكالها تقع، فـقد التقى أهل الشرِّ في بوتقة واحدة وقد توحدت جهودهم معـلنين بذلك العداء لأهل السنة والجماعة، الذين لا زالوا يكابدون مُرَّ الغـربة في نشر العـقيدة الصحيحة وإحياء السنة.

لا شك أنَّ الذئب لا يأكل من الغـنم إلا القاصية، والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه فهل علم أهل التوحيد هذا المعـنى فيهبُّوا هبة رجل واحد ضد هؤلاء الذئاب؟

ذكرت وكالة أنباء فارس هذا الخبر والذي مفاده أنَّ أمين حركة فتح فتحي أبو العـردات خلال لقائه سفير إيران بلبنان قال: " ... إنَّ الثورة الإيرانية هي العـمق الحقيقي للثورة الفلسطينية وأَّن فكر الخميني مهَّد الطريق نحو إعادة الحق الفلسطيني ... "

وأفادت وكالة أنباء فارس أيضاً: أنَّ وفدا فلسطينياً يضم أعـضاء ومسئولين من اللجان الثورية لحركة فتح التقت أمس سفير إيران الرافضة في لبنان غضنفر ركن آبادي وتناولت تحولات القضية الفلسطينية.

و قال أبو العـردات أيضاً: " ... أنَّ للخميني مكانة خاصة لدى الشعـب الفلسطيني وتعـتبر أفكاره وتوجيهاته مناراً وطريقاً لإحقاق الحقوق الفلسطينية وإعادتها لأهل فلسطين ... "
وأشار أمين حركة فتح في لبنان أبو العـردات: " ... إلى تأثير الثورة الإيرانية عـلى مسار القضية الفلسطينية وعـدَّها عـمقاً حقيقياً للحق الفلسطيني ... "

بدوره أشار سفير إيران في بيروت غضنفر ركن آبادي إلى مواقف إيران للدفاع عـن قضايا العالم الإسلامي وخصوصاً القضية الفلسطينية! قائلاً: " ... إنَّ لنهضة الخميني والثورة الإيرانية تأثيراً عـميقاً عـلى التغييرات السياسية والاجتماعـية في المنطقة وهي أغـنت حركاتها الثورية والشعـبية وحـشدت الجماهير لمناهضة السياسات الأمريكية – الصهيونية ... "
وأكد ركن آبادي عـلى أهمية المطالبة بإحقاق الحقوق الفلسطينية وفضح المخططات الصهـيونية للأجيال القادمة قائلاً: " ... تحرير الأراضي الفلسطينية تعـتبر من أهم القضايا العادلة التي تتابعها إيران وتواجه من أجل تلك ضغوطاً كبيرة من الصهيونية ولكنها ثابتة وراسخة في موقـفها...!! "

و ثمة أسئلة عـديدة تطرح نفسها هـنا وبكل قوة متى كانت الثورة الرافضية الإيرانية تمثل العـمق الحقيقي للثورة الفلسطينية؟ وهل فكر الهالك الخميني -عـليه من الله ما يستحق- هو الذي مهَّدَ الطريق نحو إعادة الحق الفلسطيني؟!! أم أنَّه مهَّد لنشر التشيع الرافضي إلى فلسطين؟ وهل الحق الفلسطيني المسلوب منذ عـقود من الزمان قد رجع فعلاً إلى الفلسطينيين؟!!

وما الفائدة المرجوة من اجتماع أعـضاء ومسئولين من اللجان الثورية لحركة فتح مع غضنفر ركن آبادي سفير إيران في لبنان!!

ومن الذي خوَّل فـتحي أبو العـرادات هذا بالتحدث عـن أهل فلسطين؟ ومتى كانت آراء حركة فتح ـ رائدة العـلمانية في فلسطين ـ ذات قيمة بالنسبة لأهل الحق؟ وهل للهالك الخميني مكانة خاصة في قـلوب الفلسطينيين؟!!

أم أنَّه التغـريد المشئوم من قـبل أمين حركة فـتح مقابل دراهم معدودة؟! أو مصالح حادثة يجري تقاسمها! أو أنه دين شراء الذمم والضمير!!

وكيف تكون أفكار الهالك الخميني العـفنة مناراً وطريقاً لإحقاق الحقوق الفلسطينية وإعادتها لأهل فلسطين؟ أو لهذا الحدِّ قد أثَّر لمعان الدولار الفارسي عـلى قلوب هؤلاء حـتى أصبحت ألسنتهم تلهج بمدح الخميني الهالك وأفكاره الزائفة؟

وهل صدق غضنفر ركن آبادي من أنَّ إيران لها مواقف للدفاع عـن قضايا العالم الإسلامي وخصوصاً القضية الفلسطينية ؟ وإلى متى سنبقى خانعين للرافضة وهم يُملون عـلينا مثل هذه الترهات؟

وهل فعلاً تواجه إيران من أجل قضية فلسطين ضغـوطاً كبيرة من الصهـيونية ؟ أم أنَّه اللعـب بعـواطف الفلسطينيين لكسب أوراق جديدة لها!

وهل إيران الرافضة تكنُّ العداوة لليهود أم أنَّهما وجهان لعملة واحدة؟ هذه الأسئلة وغـيرها كثير مما تدور في عـقول الكثيرين من شباب هذه الأمة وهم حائرون لا يعـلمون الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.

إنَّ إيران الرافضة لا تيئس أبداً من نشر باطلها وهي تتقن حبك الألحان لاستقطاب الآلاف من المسلمين عـبر وسائلها الإعلامية، وبينما هذا الخطر الجسيم الذي يهدد المنطقة برمتها يكبر ويعـظم، نجد وبالمقابل من لا يأبه بهذا أبداً.

لقد أمرنا الله تعالى في كتابه بالتوحد دون التفرق فقال سبحانه : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) [ آل عمران ـ 103 ]

ومما لا شك فـيه والذي أصبح معـلومًا عـند أهل السنة والجماعة أنَّ محاربة أهل الأهواء لا تتم إلا بتوحد كامل بين أهل الحق مع تجاوز كامل للخلافات الفرعـية فيما بينهم، فأعداؤنا لا يختلفون في عدائهم لنا فلماذا نحن نختلف إذاً؟

ولابد من النزول إلى ميادين الناس ونشر الحق بينهم، ويكون هذا بعـدة أمور مـنها:

1 ـ العمل عـلى الدعوة إلى الله تعالى وفق منهج السلف الصالح بأسلوب حسن يقتضي من صاحبه الحكمة.

2 ـ الاجتهاد في تأسيس المعاهد الشرعـية ولا سيما في المساجد الواسعة لتعـليم المسلمين أمور دينهم من العـقيدة الصحيحة والسنة وغـيرها.

3 ـ إيجاد آلية عـمل موحدة ومدروسة تلامس الواقع ، لتربية الناس على عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهجهم، ويتولى مراقبة هذا الأمر والإشراف عـليه كبار أهل العلم.

4 ـ تكوين لجنة شرعـية من كبار أهل العلم الثقات المشهور عـنهم الورع والتقوى للتصدر بالفتوى في أمور الشريعة وفي كل جديد يطرأ عـلى الساحة.

5 ـ إحداث نشاطات واسعة بين شباب المسلمين تهذب فكرهم ومنهجهم، ويعين على ذلك توزيع مكتبات طالب العلم والأسطوانات المرئية وغـيرها من الأمور المحفـزة التي تجلب الشباب للعمل الدءوب والفاعل.

6 ـ حث الشباب بعدم الخوض في مسائل التكفير وتركها للعلماء ، حـتى نقطع الطريق على المتربصين، و خاصة في قطاع غـزة و بهذا نكون قد فوتَّنا الفرصة عـليهم.

7 ـ العمل عـلى توضيح المنهج السلفي لعامة المسلمين وأنَّه يسير عـلى من يسَّره الله عـليه وبهذا نكون قد قللنا من حجم الشائعات التي يروِّجها البعـض لتنفير الناس من دعوة الحق وأهله.

8 ـ توعـية الشباب السلفي بالواقع المرير التي تحياه الأمة الإسلامية ودورنا في إعادتها للمنبع الصافي.

9 ـ عدم الاستعجال في قطف ثمرة جهودنا، فأيُّ دعـوة تستعجل قطف ثمارها إلا وطاشت ، بل نسير بخطوات هادئة بناءة .

10 ـ التحلي بالالتزام والسمت الصالح والتحلي بالأخلاق الحسنة في المعاملة مع عامة المسلمين.

وبعـد هذا أوصي نفسي و إخواني التحلي بالصبر والمصابرة عـلى مُرِّ الغربة وطول الطريق، وسيبزغ الفجر مهما طال الليل.

 

غزة في 12/6/2011م



مقالات ذات صلة