خطوة جديدة لاختراق مصر من قبل إيران

بواسطة أسامة شحادة قراءة 1943
خطوة جديدة لاختراق مصر من قبل إيران
خطوة جديدة لاختراق مصر من قبل إيران

خطوة جديدة لاختراق مصر من قبل إيران

 

. أسامة شحادة*   

  

سبق لي أن نشرت مقالاً بعنوان "لماذا تحرص القيادة الإيرانية على اختراق الساحة المصرية؟" في موقع العصر بتاريخ 7/4/2007 ، تعليقاً على زيارة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي لمصر، وإلقاءه محاضرة في مكتبة الإسكندرية.

ونحن اليوم على موعد للحديث عن خطوة جديدة في مخطط خاتمي لاختراق الساحة المصرية عبر سياسة "الحوار بين الحضارات".

فقد عقد في طهران مؤتمر "إيران والعرب: رؤى مصرية وإيرانية" خلال الفترة 15-16/ نوفمبر 2007، وذلك بين المؤسسة الدولية للحوار بين الحضارات والثقافات برئاسة خاتمي، وبرنامج الدراسات الحضارية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

وهذا المؤتمر يعد استكمالاً لجولات الحوار المصري – الإيراني التي جرت إبان رئاسة خاتمي لإيران، وتم فيها عقد أربع ندوات في الفترة من عام 2001 إلى عام 2004 وذلك بين مركز الأهرام للدراسات السياسية، ومعهد الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

وقد قامت د. نادية مصطفي، ود. باكينام الشرقاوي المشاركتان بالمؤتمر بنشر ملخص وقائع هذا المؤتمر في دورية "مختارات إيرانية" العدد 89 ديسمبر 2007 ، ومنه سوف نعرض ملامح الخطوة الإيرانية الجديدة لاختراق الساحة المصرية، والتي يمكن تلخيصها في ملمحين هما :

الأول: ما جاء في كلمة خاتمي في المؤتمر من "أهمية الانتباه إلى الجوار الحضاري بين مصر وإيران، فكلا الدولتين لا تمثلان أركاناً في حضارة إسلامية واحدة فقط، بل تمثل كل منهما إحدى أهم الحضارات العريقة التي عرفتها البشرية. ولذا يمتلك الشعبان المصري والإيراني طاقات هائلة يمكن استثمارها لتقوية الإسلام".

الثاني: ما قيل في الجلسة الافتتاحية من قبل آية الله محمد الموسوي البنجورى، رئيس الموسوعة الإسلامية بأن "على كل من مصر و إيران – كدول محورية في منطقة الشرق الأوسط- يقع عبء تنظيم رؤى إقليمية يلتف حولها المسلمون لمواجهة كثير من التحديات المفروضة عليهم ومنهم . ولعل من بين هذه التحديات محاربة الرؤى السلفية التي من خلال تبنيها نهج العنف قد أضرت بالعالم الإسلامي".

وتقول معدتا التقرير: "وتمت الإشارة في أكثر من موضع في جلسات المؤتمر إلى خطورة التحديات الداخلية على مسار الإصلاح في العالم الإسلامي. وتكررت المخاوف مما سمي بالإسلام المتحجر أو" العابد للظاهر" أو التطرف بسبب ما تفرضه هذه الرؤى من مخاطر على الأمة فقد تحفظ البعض على انتشار الرؤية السلفية التي تستهدف الأبرياء".

هذان الملمحان للمشروع الخاتمي الإيراني الجديد يحاولان القفز على كل حقائق التاريخ لنزع مصر من إسلامها وعروبتها وسنيتها، وتشكيل وحدة جديدة مع إيران تقوم على حضارات شركية (فارسية – فرعونية)، كما يحاول هذا المشروع طمس تاريخ مصر السني الذي سطره الصحابة الكرام، الذين فتحوا مصر ونشروا الإسلام فيها، وواصل هذا الجهد المبارك بعدهم التابعون والأئمة كالشافعي والليث بن سعد وغيرهم. إلى أن أصبحت مصر في القرن التاسع والعاشر الهجري مركزا للعلم في العالم الإسلامي على يد علمائها الكبار كابن حجر والعراقي والسيوطي وغيرهم من أساطين العلم . 

وقضية تمجيد الإيرانيين للحضارة الفارسية قضية تحتاج إلى وقفة وتأمل ، فهل هذا التمجيد لحضارة عبادة النار الزرادشتية أو المانوية أو المزدكية فهل يمكن أن يتسق هذا مع الحب الصحيح والصادق لآل البيت؟!

وهل ما نشاهده لليوم من احتفالات رسمية بعيد النيروز في إيران يمكن أن ينبع من فقه سديد لمنهج آل البيت ؟؟

وهل الاعتداد بالتاريخ الفارسي بدل الهجري، وجعل الفارسية اللغة الرئيسة حتى للعلوم الشرعية يمكن أن يكون انتماءً صادقا لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم أو لغة القرآن الكريم؟

أما الدعوة للفرعونية فهي دعوة مسمومة ظهرت في منتصف القرن الماضي، على يد العلمانيين والمتشربين للغزو الفكري الغربي، فما بال خاتمي يدعو لها اليوم؟ وأي خير يريد منها لمصر وأهلها؟

أما محاولة انتزاع مصر من سنيتها ووسطيتها، للتحالف مع إيران والشيعة ضد السلفية بزعم أنها تتبنى العنف، فهي محاولة في غاية الخبث والمكر، فالذين نشروا الإسلام فيها هم السلف من الصحابة والتابعين؟

 

الجماعات السلفية ولليوم موجودة بمصر ولم تتلوث بالعنف والتطرف، كما أنَّ الجماعات السلفية في مصر كجماعة أنصار السنة والجمعية الشرعية وسلفية الإسكندرية كانوا دوماً من الرافضين لمسار العنف والتطرف، كما أن رموز السلفية في مصر لم تؤيد أو تناصر العنف أبداً.

ومن الذي قاد الدعوة الإصلاحية في مصر المعاصرة أليسوا هم الرموز السلفية كرشيد رضا وأحمد شاكر ومحب الدين الخطيب وإخوانهم من شيوخ الأزهر ، وألم يكن حسن البنا نفسه امتداد لهذه المدرسة السلفية الإصلاحية، فمحاولة وصم السلفية بالعنف هو نوع من قلب الحقائق، فمن يمارس العنف في الحقيقة هم الشيعة وإيران، بل ويمارسونه بشكل رسمي ومؤيد من كافة المستويات القيادية الدينية والسياسية.

أليست إيران هي الداعم لكل الميلشيات الإرهابية في العراق سواء المليشيات الشيعية (بدر، حزب الدعوة، جيش المهدي).

ومن الذي يشل الحياة السياسية في لبنان، ويكاد يشعل حرباً طائفية؟ أليس حزب الله الشيعي التابع لإيران؟

من الذي يقوم بالفوضى المنظمة في البحرين، ويهدد بزوال النظام، أليست المرجعية الشيعية البحرينية بشقيها السياسي والديني؟

ومن الذي يطلق التصريحات المتكررة دوماً حول تبعية دول الخليج لإيران، أليس مستشارو القيادة السياسية الدينية في إيران؟

من الذي يدعم تمرد حركة الحوثي في اليمن سوى إيران ؟

أليست إيران هي التي تسب وتشتم " التكفيريين الوهابيين "؟

أليست إيران هي التي تطلق اسم خالد الإسلامبولي على أحد شوارع طهران ؟

حادثة جهيمان بالاستيلاء على الحرم المكي لماذا تجد التمجيد والثناء من قبل المعارضة الشيعية السعودية المرتبطة بإيران ؟

إن هذه الخطوة الجديدة التي دعا لها مؤتمر طهران والرامية لفك عرى التعاون والتحالف بين أكبر دولتين عربيتين وهما مصر والسعودية، محاولة خبيثة وماكرة لا تهدف سوى إضعاف المسلمين بعامة وتوهين العروبة لمصلحة التشيع والفارسية بالترويج للحضارات الجاهلية المندثرة.

ولعل في هذا عبرة وعظة لمن لا يزالون يعيشون في دنيا الأوهام والأماني بإمكانية قيام تعاون حقيقي بين العرب وخاصة السعودية ومصر، مع إيران الملالي!!

إن إيران كان لها تاريخ مشرق في خدمة الإسلام حين كانت ترفرف عليها راية الإسلام الحقيقية قبل احتلالها من قبل الدولة الصفوية، فمنذ ذلك الوقت أصبحت إيران تسعى في سبيل هويتها الجديدة والتي تكونت عبر امتزاج الغلو الصفوي الشيعي بالعنصرية الفارسية، وتتفاوت تأثيرات هذين الغلوين الصفوى والفارسي بحسب طبيعة النظام الحاكم لإيران.

وأقول لهؤلاء الحالمين: ما لم تتغير عقلية القيادة الدينية والسياسية لإيران فلا تتوقعوا منها إلا الغدر والخيانة والخذلان !!

وأقول لأعضاء الوفد المصري الذين قد قضوا مدة يومين في المؤتمر وأربعة أيام أخرى كانت للتعرف على طبيعة المجتمع الإيراني والقيام بـ" حوار الحياة " -بحسب حد تعبير كاتبتي التقرير – وكانت نتيجة " حوار الحياة " : " تمكن الأساتذة المصريون من تلمس نبض الشارع الإيراني وخاصة تجاه المصريين، وهي وإن كشفت عن كرم الضيافة الإيراني فلقد كشفت أيضاً عن قواسم مشتركة في عادات الأكل والشرب والحديث بل وأنواع الطعام والأهم العادات الاجتماعية ".

أقول لهؤلاء الأساتذة هل خطر ببالكم السؤال والبحث عن أحوال أهل السنة - الذين يشكلون نسبة تتراوح من 20 – 30 % - في إيران الذين هم الأصل في إيران قبل أن تتشيع بالسيف والدم على يد الصفويين قبل 500 سنة ؟

هل خطر ذلك ببالكم لا أقول بدلاً من التأمل في عادات الطعام والشراب بل معها أن تهتموا بمعرفة حقيقة ما يجرى لأهل السنة هناك من اضطهاد وظلم يتم التعتيم عليه من قبل إيران ووسائل الإعلام العربية والعالمية، بعكس ما يحصل في مصر من اعتداء المتشيعين الندرة على الغالبية العظمى من أهل مصر بمطالب مبالغ فيها بشدة، رغم حصولهم على مكاسب تفوق حقهم بأضعاف مضاعفة.

أقول لهؤلاء الأساتذة هل خطر ببالكم بحث أحوال الأقلية العربية الشيعية في الأحواز والتي احتلتها إيران في مطلع القرن الماضي ، ويواصل " النظام الإسلامي " احتلالها وقمعها مع كونهم شيعة بسبب كونهم عرب !!

في الختام مما يؤسف له أن هناك بون شاسع بيننا وبين الإيرانيين في الجدية والوضوح تجاه ما يريد كل طرف من الآخر لصالح الإيرانيين ، فمتى يفوق أهل العلم والسياسة والحكم ويتعاونوا في ذلك بدلاً من تشرذمهم المؤذي!! 

 

* كاتب أردني.

 

 "حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"

 



مقالات ذات صلة