20-7-2013
في الدول البوليسية الايديولوجية كإيران, تعود كل السلطات والصلاحيات إلى جهة واحدة, ألا وهي الجهة الدينية الشيعية, بل تعود لرجل واحد في إيران هو المرشد الأعلى خامنئي, فالمؤسسات الحكومية في الدولة تتبع لأمره, بدءا من البرلمان ومجلس النواب, وصولا إلى الوزارات والوزراء والحكومة, وانتهاء بالقضاء والمحاكم والقوانين.
وحتى الشركات الخاصة في مثل هذه الدول تكون إما تابعة للحكومة أو خاضعة لأوامرها وسياساتها المتبعة, فلا وجود للرأي الآخر أو المخالف في مثل هذه الدول, اللهم إلا إن كان مفبركا ومسيسا في بعض الأوقات, خاصة في أوقات الأزمات والملمات, لأهداف وأغراض سياسية داخلية وخارجية.
ومع وجود كثير من الأديان والملل والمذاهب المختلفة في إيران, إلا أن الهجوم الأعنف والأشد يقع دائما على أهل السنة هناك, مع أن أعدادهم تزيد عن 18 مليون, أي ما نسبته 25% من عدد سكان إيران, بل يمكن القول: إن بعض الملل والأديان في إيران كاليهود مثلا, قد نالوا كامل حقوقهم الدينية والاجتماعية والقانونية, وأن أهل السنة والجماعة هناك هي المذهب الأكثر اضطهادا وحرمانا من حقوقها.
وفي هذا الإطار لم يكن أمرا جديدا من قبل الشيعة في إيران سب الصحابة الكرام وشتمهم, وخاصة من قبل علمائهم ودعاتهم ورجال الدين فيهم, ولم يكن خفيا ذلك التواطئ الظاهر من الحكومة الإيرانية لكل هذه الانتهاكات, ولكن الجديد في الأمر, دخول بعض شركات الاتصالات في إيران على هذا النهج والأسلوب, من خلال النيل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه, برسالة بعثتها لجميع مشتركي شركة (إيرانسل), وذلك للمشاركة بمسابقة رمضانية نعتت فيها أمير المؤمنين عمر (بضليل الشيطان).
وشركة (إيرانسل) كما هو معروف شركة اتصالات إيرانية, تأسست عام 2005 م, نتيجة لاستثمار مشترك بين مجموعة (إم تي إن) الإفريقية الجنوبية بحصة قدرها 49% وشركة تنمية الالكترونيات الإيرانية بحصة قدرها 51%, وبنظرة بسيطة لهذه النسب, يمكن ملاحظة رجحان كفة الحصة الإيرانية على الإفريقية, وذلك من أجل التوجيه والانصياع الذي ذكرناه آنفا.
ونتيجة لهذه الإهانة الجديدة لمشاعر المسلمين السنة في إيران, دعا أشهر رجل دين سني في إيران مولوي عبد الحميد, إمام جمعة مدينة زاهدان عاصمة إقليم بلوشستان في خطبة الجمعة، السلطات الإيرانية لمعاقبة الشركات التي تهين معتقدات الآخرين حسب تعبيره، وذلك على خلفية إساءتها للخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
وقال الشيخ مولوي عبد الحميد: ينبغي على شركة (ايرانسل) أن تعتذر للشعب الإيراني بشيعته وسنته نتيجة لإساءتها لعمر ابن الخطاب، لأن الإساءة لأي من المذاهب هي إساءة للشعب الإيراني بأكمله, بحسب موقع العربية نت.
وكم وكم بحت الأصوات وتعالت منذ سنوات خلت, من كبار علماء أهل السنة والجماعة ومنهم الدكتور يوسف القرضاوي, طلبا من إيران بلجم علمائها ودعاتها عن سب الصحابة الكرام وشتمهم علنا, نظرا لما يمثله ذلك من الاساءة لمشاعر المسلمين من أهل السنة في العالم, ولما يمكن أن ينتج عنه من نزاعات وصراعات الجميع في غنى عنها, ولكن دون فائدة تذكر, وكأننا نتمثل قول الشاعر:
لقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
ونظرا لذلك, ولأن إيران لا تفهم لغة الطلب والتمني, وإنما تفهم لغة المصلحة والقوة, فقد أطلق نشطاء من أهل السنة في إيران, حملة لمقاطعة شركة اتصالات إيرانسل للهواتف النقالة، داعين المشتركين إلى رمي شرائح هواتفهم في النفايات، وإلغاء الاشتراك مع الشركة، بعد أن أساءت الشركة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه, في رسالة بعثتها للمشتركين للمشاركة بمسابقة رمضانية نعتته فيها (بضليل الشيطان).
وطالبت الحملة شركة إيرانسل بتقديم اعتذار رسمي عبر وسائل الإعلام, وحثت المسؤولين الإيرانيين وأعضاء نواب البرلمان وخاصة السنة منهم على إدانة هذا التصرف ووضع حد للإساءة للصحابة, كما دعت الحملة رجال الدين وخطباء الجمعة الشيعة في إيران إلى إدانة هذه الإساءة, وذكّرتهم بمواقف رجال الدين السنة الذين أدانوا بشدة تدمير ضريح الصحابي حجر بن عدي في سوريا -بغض النظر عن الفاعل الحقيقي لذلك- والذي يحظى بمكانة خاصة لدى الشيعة.
لقد جرب أهل السنة مع إيران كل السبل السلمية دون جدوى, ودخلوا معها في أكثر من محاولة للتعايش والتقارب ولكن دون فائدة, بدءا من مؤتمرات التقارب بين المذاهب الإسلامية, والتي نفذ أهل السنة كل بنودها, دون أن ينفذ الشيعة أبسط تلك البنود, والمتمثلة بإصدار فتوى إيرانية شيعية رسمية بحرمة دم المسلم السني على الأقل ولم تفعل, وصولا إلى المحاولات الدبلوماسية لتحسين العلاقة بين إيران ودول أهل السنة عامة, وانتهاء بطلب مجرد الكف عن المشاركة في قتل المسلمين من أهل السنة في سوريا.
إن إيران ماضية في غيها وظلمها لأهل السنة في كل مكان, و لن يردعها عن ذلك شيء سوى اجتماع كلمة أهل السنة والجماعة, وإعدادهم للقوة التي أمرهم الله تعالى بها لإرهاب عدوهم.
فمتى سيعي المسلمون ذلك ؟؟!!
المصدر : مركز التأصيل للدراسات والبحوث