السؤال: هل يجوز قتل المدنيين من العدو إذا هم قتلوا المدنيين من المسلمين وجزاكم الله خيراً؟
وسؤال آخر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن قتل النساء والصبيان وأنه استعرض قريظة فمن أنبت قتله ومن لم ينبت لم يقتله (مختصر فتاوى ابن تيمية 2/103).
لما قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يهود بني النضير فهل قتل معهم نساءهم وأطفالهم؟ فالمعروف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يأمر ألا يقطع شجر، ولا يهدم معبد، ولا يقتل طفل ولا امرأة ولا شيخ، فكيف يقتل نساء أولئك وأطفالهم وما ذنبهم؟!
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل أي يهودي من بني النضير، وإنما تم إجلاؤهم لأنهم تآمروا على اغتياله -صلى الله عليه وسلم-. وأما بنو قريظة فإنهم غدروا بالمسلمين عندما حاصر الأحزاب المدينة، ثم بعد جلاء الأحزاب نزلوا على حكم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وهو أن تقتل المقاتلة، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل". صحيح البخاري (3043)، وصحيح مسلم (1769).
فالقتل إنما كان للرجال وكل من أنبت، دون النساء فلم يقتل النساء ولا الأطفال. وإنما قتل امرأة واحدة من بني قريظة، وهي بنانة امرأة الحكم القرظي، بسبب أنها قتلت من المسلمين خلاد بن سويد بأن طرحت عليه الرحى، فقتلته فقتلت به. الطبقات الكبرى (3/530)، وتاريخ الطبري (2/104). فلذلك لم يقتل من النساء وإنما وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من سبيهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة، فلم تزل في ملكه حتى مات صلي الله عليه وسلم. بل واستحيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رجالهم عطية القرظي، وله صحبة، ورفاعة بن شمويل القرظي، فوهبه لأم المنذر سلمى بنت قيس من بني النجار. لذلك لم يقتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- النساء ولا الأطفال وإنما قتل الرجال منهم؛ لأنهم نقضوا العهد وانضموا إلى الأحزاب، وبذلك خانوا الله ورسوله.
والرسول -صلى الله عليه وسلم- يعفو ويصفح عن الرجال إذا أسلموا. وفي قصة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- خير شاهد؛ فقد قتل رجلاً بعد أن قال: لا إله إلا الله، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول لأسامة: "أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟!". قال أسامة: وددت أني لم أسلم قبل ذلك. صحيح البخاري (4269)، صحيح مسلم (96). والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
المرجع: المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى.