إيران وأمريكا وإسرائيل: هكذا يكون العناق وإلا فلا..!

إيران وأمريكا وإسرائيل: هكذا يكون العناق وإلا فلا..!
إيران وأمريكا وإسرائيل: هكذا يكون العناق وإلا فلا..!

9-7-2013

ليست علاقة الولي الفقيه (دام ظله الوارف الجارف) مع أمريكا وإسرائيل علاقة (عمالة وتبعية)، بل هي علاقة (تآمر وتحالف).. إيران تعدّ نفسها ندّا لأمريكا وإسرائيل، وتتعامل معهما على هذا الأساس، فتكون العلاقة بين المشروع الأمريكي – الصهيوني والمشروع الصفوي علاقة تحالف وتعاون وتآمر في بعض الملفات، كالعراق وأفغانستان، أو علاقة اختلاف وصراع وتضاد في ملفات أخرى، كالملف النووي الإيراني. وهدف الطرفين في الأخير: المصالح المشتركة، والتي تكون -عادة- على حساب الطرف الذي لا يملك مشروعا: أهل السنة والجماعة !

هذه بعضٌ من صور العناق الحار بين الطرفين:

1) العناق من تحت الطاولة

احتفظت إيران بعلاقات سرية مع أمريكا وإسرائيل منذ بدايات الثورة الإيرانية. وقد اكتشف العالَم وجود هذه العلاقة بعد فضيحة (إيران – جيت)، أو (إيران – كونترا)، حيث كانت إيران تجري مباحثات سرية في بعض أنحاء أوروبا مع مسئولين أمريكان وصهاينة، تنص - من بين أمور أخرى - على تزويد إيران بمعدات عسكرية أمريكية عن طريق إسرائيل، من بينها صواريخ (تاو) المضادة للدروع. وقد تم إرسال أول شحنة من هذه الصواريخ في أغسطس من عام 1985م.

وقد كشف الباحث (تريتا بارزي) في كتابه (حلف المصالح المشتركة) جانبا كبيرا من هذه التعاملات السرية بين الدول الثلاث. وهذا الباحث وثيق الصلة بخبايا العلاقات السرية الإيرانية الأمريكية، وهو إيراني الأصل، سويدي الجنسية، مقيم في أمريكا ويرأس (المجلس الوطني الإيراني الأمريكي)، وهو إذ يذكر هذه الخبايا في كتابه، لا يفعل ذلك من باب النكاية بإيران وسياساتها، بل من باب إثبات إمكانية التعاون التام بين إيران و(الشيطان الأكبر) بدون أية تحفظات !

2) العناق في أفغانستان

تعاونت إيران مع أمريكا في غزوها لأفغانستان، وحصلت في مقابل ذلك على موطئ قدم مهم لها في هذا البلد الإسلامي الممزق، وحصل الشيعة الأفغان على مكاسب تفوق حجمهم بكثير.

يقول الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني متباهيا: "إن القوات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها .. وأنه لو لم تساعد القوات الإيرانية في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني". (جريدة الشرق الأوسط السعودية، بتاريخ 9 فبراير 2002م).

3) العناق في العراق

كانت إيران شريكا مباشرا لأمريكا في احتلال العراق وتدميره. وقد تعمدت القوات الأمريكية، بعد اكتمال احتلالها للعراق، عدم إرسال قوات إلى المناطق الحدودية المحاذية لإيران، وأبقت هذه الحدود مفتوحة على الآخر، مما سمح لمئات الآلاف من العناصر العسكرية والمخابراتية الإيرانية بدخول العراق. وقد ظلت القوات الأمريكية (الرسمية) والقوات الإيرانية (غير الرسمية) داخل العراق تطبق بكل جدارة سياسة (حُسن الجوار) طيلة فترة الاحتلال الأمريكي !

وقد صرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشئون القانونية والبرلمانية في يناير 2004م، في محاضرة ألقاها في (مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل) بالإمارات بأنه "لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة".

4) العناق في لبنان

على مدى ثلاثة عقود، سمحت أمريكا وإسرائيل للنفوذ الإيراني في لبنان أن يقوى ويشتد، حتى أصبح حزب اللات هو المسيطر الفعلي على مقدرات هذا البلد. لقد سُمح لإيران أن تكدس السلاح في مخازن حزب اللات على مدى أكثر من ثلاثين سنة ! كانت هذه الأسلحة الخفيفة والثقيلة تصل برا وجوا وبحرا تحت سمع وبصر الطيران الإسرائيلي والأسطول السادس الأمريكي. كان التفاهم غير الرسمي بين الطرفين جليا منذ البداية، ولكن أهل السنة يعانون من سبات عميق، وحكوماتهم، وشعوبهم، و(حركاتهم الإسلامية) تعاني من مرض (الزهايمر السياسي).

بعد أن سُمح لحزب اللات بالهيمنة العسكرية، ولإكمال المؤامرة، سُمح له بالهيمنة السياسية، التي تحققت بتحالفه مع ميشيل عون.

كان ميشيل عون هو العدو الأكبر لسوريا ونفوذها في لبنان، وقد التجأ إلى السفارة الفرنسية في بيروت في أكتوبر 1990م، وبقي هناك لفترة من الزمن حتى سمح له من بعدها بالتوجه إلى منفاه في فرنسافي أغسطس 1991م، وظل طوال فترة وجوده بالخارج، معارضا شرسا للوجود السوري في لبنان.

في عام 2005م، شهدنا حدثين مهمين أديا إلى انقلاب الموازين لصالح الشيعة، على حساب السنة، ودون المساس بمصالح النصارى !

- في 14 فبراير 2005م، اغتيل رفيق الحريري، ففقد السنة بذلك أقوى زعيم سني عرفته الساحة السياسية اللبنانية، وترك رحيله فراغا سياسيا قاتلا لدى أهل السنة، لا يزالون يعانون منه حتى الآن..

1- وفي 7 مايو 2005، سُمح لميشيل عون بالعودة إلى لبنان، مصحوبا بتعليمات أمريكية – فرنسية بالتحالف مع حزب اللات ومع (العدو السوري)، لتكتمل بذلك سيطرة الحزب على مقدرات الأمور في لبنان.

5) العناق في البحر الأحمر

للبحر الأحمر أهمية إستراتيجية بالغة، ففي طرفه الشمالي قناة السويس، وفي طرفه الجنوبي مضيق باب المندب. يشكل البحر الأحمر أهمية خاصة لأمريكا وإسرائيل، ومع ذلك سمحا لإيران بالتواجد العسكري والمخابراتي في هذه المنطقة الحساسة.

يقول الكاتب عبد الإله بن سعود السعدون: "تملك دولة إرتريا أكثر الجزر المسكونة والصخرية الخالية في البحر الأحمر والبالغ عددها 126 جزيرة .. فاستأجرت إسرائيل ثلاثا منها (ديسي ودهول وشومي)، ولم تكن مصادفة أيضاً أن تستأجر إيران جزيرتين من هذا الأرخبيل (فاطمة ونهلقه)، وجاء توقيع إيجار هذه الجزر ذات المواقع الإستراتيجية من خلال زيارات رسمية قام بها رئيس جمهورية اريتريا افورقي، فكانت زيارته الأولى لإسرائيل سرية لغرض العلاج في نوفمبر عام 1995م، وتم من خلالها التوقيع على اتفاقات ثنائية عديدة أهمها دخول إرتريا ضمن فصول الإستراتيجية الأمنية الإسرائيلية في البحر الأحمر، وعلى أثر ذلك تم إنشاء برج مراقبة بحري ذي مدى بعيد ليشرف على حركة الملاحة في البحر الأحمر من مضايق تيران حتى باب المندب، وتم استيطان (1000) إسرائيلي إفريقي من يهود الفلاشا ليعملوا في المزارع المقامة للتمويه عن الغرض العسكري لها ..

أما المستأجر الثاني فهو النظام الإيراني حيث أثمرت زيارة الرئيس أفورقي لطهران في 20 مايو 2009م، والتي جاءت بدعوة من الرئيس الإيراني أحمدي نجاد .. واحتل الجانب العسكري حيزاً كبيراً في مباحثات الطرفين حيث تمت الموافقة الإرترية بالسماح لإيران لبناء قاعدة بحرية تطل على باب المندب في ميناء عصب ومعسكرات لتدريب المتمردين الحوثيين..". (جريدة الجزيرة السعودية، بتاريخ 18 أبريل 2013م).

هكذا رضي الأمريكان والصهاينة مرة أخرى بـ (حُسن الجوار) مع إيران، في منطقة غير بعيدة عن الكيان الصهيوني ومفاعله النووي في ديمونة ! كان بإمكان (الشيطان الأكبر) أن يمارس ضغوطه السياسية المعتادة لمنع إريتريا من تأجير جزرها لإيران، أو تقديم تعويضات مادية لها، ولكنه لم يفعل، فهناك مصالح أمريكية وصهيونية في ديار أهل السنة، لا يمكن أن تتحقق إلا على يد الولي الفقيه .

الموقع الرسمي للكاتب البحريني عمر خليفة راشد

 



مقالات ذات صلة