حقيقة الشيعة التي ينتسب إليها البدوي

بواسطة د.عبد الله صابر قراءة 2059
حقيقة الشيعة التي ينتسب إليها البدوي
حقيقة الشيعة التي ينتسب إليها البدوي

د. عبد الله صابر

1 -  نشأة الشيعة، وعلاقتهم بابن سبأ اليهودي:

بدأت الشيعة كجماعة سياسية تشايع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونادت بأن تكون الخلافة من حق علي وحده، ولآل بيته من بعده، وأول من نادى بذلك عبدالله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام، وأخذ يدس في الشريعة ما يعكر تعاليم الإسلام الصافية، ويخدع البسطاء، كما بث سموم الفتنة بين المسلمين في عهد عثمان، وكان ذلك عقب انتشار الفتوحات الإسلامية الكبرى في عهد أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما حيث احترقت قلوب اليهود غيظاً لانتصار الإسلام وفتوحاته.

وقد تظاهر عبدالله بن سبأ بحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى يخفي تحريضه ضد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وبث سموم الفتنة في عهده، ويخفي أيضاً كراهيته للصحابة وسبه لهم.

وكان ابن سبأ أول من أظهر السب والطعن على أبي بكر وعمر وعثمان، وغيرهم من كبار الصحابة، وادعى بأن علي رضي الله عنه أمره بذلك.

وقد أكد ذلك كبار الشيعة ومؤرخيهم فهذا هو الكشي كبير علماء التراجم عند الشيعة يقول:

"ذكر بعض أهل العلم أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم، ووالى علياً عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكفرهم، وهو أول من قال بفرض إمامة علي[1]، ومن هنا قيل: إن التشيع مأخوذ من اليهودية.

وقد أورد الكشي نفسه براءة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من الشيعة ولعناته عليهم، واستشهد بخطبة لعلي - رضي الله عنه - قال فيها:

"يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم أركم، ولم أعرفكم، معرفة والله جرت ندماً، وأعقبت سدماً قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً... إلخ»[2].

وقد عذبهم علي رضي الله عنه أشد العذاب في حياته، وأبغضهم أبناؤه من بعده، فقد روى الكشي عن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهم: قوله:«لعن الله من كذب علينا، إني ذكرت عبدالله بن سبأ» فقامت كل شعرة في جسدي، لقد ادعى أمراً عظيماً ما له. لعنه الله[3].

ويشهد بذلك أيضاً الدكتور علي شريعتي، وهو من كبار الشيعة، حيث يقول:«إن أول دولة شيعية قامت في التاريخ كانت سنة (903هـ) وهي الدولة الصفوية بإيران»[4].

ويرى «شريعتي» أن قيام الدولة الصفوية هذه كان بمثابة طعنة غدر في ظهر العالم الإسلامي، حيث تسببت في وقف فتوحات الخلافة العثمانية بأوربا، عندما تعاون الصفويون مع الاستعمار ضد دولة الخلافة العثمانية حتى قضت عليها[5]، وتعد الحركة الصفوية خاتمة الحركات الباطنية المتآمرة على العالم الإسلامي، وذلك بعد حركة البدوي وإخوانه المتسترين بالتصوف، والتي ظهرت عقب زوال الحكم العبيدي (الفاطمي) على يد صلاح الدين الأيوبي، حيث تخلص من الفاطميين، والصليبيين في وقت واحد.

2 - الشيعة العبيدية (الفاطمية) شيعة باطنية مغالية:

تعتبر هذه الفرقة من فرق الشيعة الإسماعيلية المنحرفة التي أسسها ميمون بن قداح الديصاني في السلمية بالشام. وقد ادعى هذا الرجل أنه من أهل البيت النبوي، رغم أنه من أصل يهودي، فقد ادعى أنه من نسل إسماعيل بن جعفر الصادق، في حين أن إسماعيل لم ينجب، ومات في حياة أبيه جعفر الصادق - رضي الله عنه - ولكن ميمون هذا يدعي كذباً بأن إسماعيل لم يمت في حياة أبيه، ولكنه اختفى من السلمية بالشام خوفاً من بطش الخليفة العباسي، وأنه مات بعد سبع سنوات بالبصرة سنة (158هـ)، كما ادعى بأن إسماعيل هذا أوصى بالخلافة لابنه محمد الذي يزعم ميمون أنه من نسله، وأنه المستحق بالخلافة على الشيعة من بعده.

وعلى هذه الأكذوبة أسس ميمون القداح مذهبه الإسماعيلي، الذي انبثقت منه بعد ذلك معظم الحركات الهدامة مثل: العبيديين، والقرامطة، والحشاشين، وإخوان الصفا، والدروز، والنصيريين، والبهائيين، والقاديانيين، وأخيراً الأغاخانية، والبوهرة.

والحقيقة أن ديصان، جد ميمون القداح كان مجوسياً، أما ابنه ميمون فقد تظاهر بالإسلام، ووضع أسس الدعوة الإسماعيلية المنحرفة.

ويرى المؤرخون أن عبيدالله هذا ابن ميمون القداح الذي تنسب إليه الدولة العبيدية الفاطمية، قد تملكت نفسه كراهية شديدة للإسلام والمسلمين، وأنه صاحب مؤامرة قوية تم تنفيذها بمهارة فائقة في المغرب ضد الإسلام، وأنه قد عمل على إيجاد جمعية سرية كبيرة تلقن الناس مبادئه، وكان يعامل كل فرد على قدر عقله واستعداده، ولم يمض وقت طويل حتى أصبح للشيعة الإسماعيلية السلطان المطلق على بلاد المغرب، حيث أعلنوا الدولة العبيدية سنة (297هـ) وسموها خداعاً بالدولة الفاطمية، نسبة إلى فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد امتد نفوذ العبيديين (الفاطميين) إلى مصر بعد ذلك في عهد المعز لدين الله الفاطمي، سنة (358هـ)، ثم ازداد هذا النفوذ في عهد الحاكم بأمر الله الذي تولى سنة (408هـ) وادعى الألوهية، ثم فرَّ إلى لبنان، خوفاً من أن يقتله العلماء، وهناك أسس المذهب الدرزي الباطني، وقد قال القاضي أبو بكر الباقلاني:

"القداح» جد عبيدالله الذي يسمى بالمهدي كان مجوسياً، ودخل المغرب وادعى أنه علوي، ولم يعرفه أحد من علماء النسب، وسماهم جهلة الناس بالفاطميين[6].

وقال الحافظ بن كثير، في البداية والنهاية[7]:

أولاً: مؤسس الدولة الفاطمية مجوسي رافضي من سلمية الشام.

ثانياً: الحكام الفاطميون كانوا من أنجس الملوك سيرة، وأخبثهم سريرة، وظهر في دولتهم البدع والمنكرات، وكثر في عهدهم أهل الفساد، وقلَّ عندهم الصالحون من العباد والعلماء ومؤسس دولتهم يهودي.

وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء:«مؤسس الدولة العبيدية» يهودي.

ولذلك لم يدرج السيوطي أسماء حكامهم في جدول الخلفاء.

3- تصوف البدوي امتداد للتشيع الباطني العبيدي الفاطمي:

تأثر تصوف البدوي بما لدى الشيعة الباطنية الإسماعيلية من نظريات وأفكار، فنظرية القطب عند المتصوفة هي بعينها نظرية المهدي عند الشيعة، فقد نسب المتصوفة إلى القطب: العلم، والعصمة من الخطأ. كما نسبها الشيعة إلى الإمام.

كما عنى كل من المتصوفة والشيعة بعلم الظاهر والباطن، فيعتقد الشيعة أن الأئمة يعرفون الغيب مثلما توهم المتصوفة بكرامات الأولياء والتي يدعون فيها معرفة الغيب. والشيعة ينسبون إلى الإمام قدرات لا تكون إلا لله تعالى وبالمثل فعل المتصوفة مع القطب.

والداعية الفاطمي الشيعي عادة يبدأ بإظهار الزهد والورع للناس حتى يقبلوا عليه، فالناس لا تقبل إلا على من عرف بتقواه. والدين هو أكثر ما يحرك النفوس، ويستمر الداعية الشيعي على ذلك حتى إذا ما دان له الناس، ووثقوا به، انتقل بهم إلى مرحلة جديدة، وهكذا حتى إذا وصلوا إلى المرحلة الأخيرة، رفع عنهم التكاليف الشرعية، وأعلن لهم أن هذه التكاليف إنما فرضت على المغفلين، وقد عد الباحثون تسع مراحل يخضع لها المريد من أتباع دعاة الباطنية حتى يصلوا به إلى كل ما يريدونه منه[8].

وقد بدأت حركة الشيعة الباطنية المتسترة بشعار الزهد والتصوف في المغرب: ثم انتقلت إلى العراق، حيث أسس أحمد الرفاعي مدرسته، ثم انتقلت إلى مصر في شخص أبو الفتح الواسطي، ومن بعده أحمد البدوي، وإبراهيم الدسوقي حفيد الواسطي، وأبو الحسن الشاذلي، وغيرهم. وجميعهم كان يسعى لإسقاط دولة الخلافة العباسية عن طريق تجميع الناس حول فكرة الزهد والتصوف.

والمعروف أن الدولة العبيدية الفاطمية كانت تستغل الزهد والتصوف في نشر عقائدها الباطنية، وأنهم لعبوا بالوجدان الروحي للمصريين، ومن الأدلة على ذلك: إنشاؤهم مقبرة للحسين بن علي رضي الله عنه بالقاهرة، وزعمهم أنها تضم رأس الحسين، والحقيقة كما ذكر ابن كثير وغيره[9] أن رأس الحسين دفنت بالبقيع في المدينة المنورة عام (62هـ)، وفوق هذا فإن مدينة القاهرة لم تبنَ إلا عام (358هـ) على يد الفاطميين، وقبر الحسين شيد فيها عام (558هـ)، أي بعد مقتل الحسين بمئات السنين، وهكذا برع الفاطميون في استغلال التصوف لنشر أفكارهم المنحرفة.

وقد استمرت الدولة العبيدية (الفاطمية) بمصر أكثر من قرنين من الزمان حتى قضى عليها صلاح الدين الأيوبي سنة (567هـ) ثم حاولت العودة من جديد تحت دعوى التصوف والزهد التي حمل لواءها أحمد الرفاعي بالعراق، وأبو الحسن الشاذلي، وأحمد البدوي، والدسوقي وغيرهم في مصر، ولكن الله تعالى قيض لنا الظاهر بيبرس، فأجهض طموحات البدوي.

المصدر: موقع الالوكة


[1] كتاب الشيعة والسنة لإحسان ظهير، ص21 عن كتاب الكشي، ص101، ط الأعلمي بكربلاء.

[2] الشيعة والسنة لإحسان ظهير ص21 عن كتاب الكشي ص101 ط الأعلمي بكربلاء.

[3] الشيعة والسنة لإحسان ظهير ص28 عن كتاب رجال الكشي ص101.

[4] ما زالت إيران حتى اليوم هي البلد الوحيد الذي يعتنق الفكر الشيعي.

[5] إيران من الداخل تأليف فهمي هويدي، ص316، إلى 320 الأهرام، القاهرة.

[6] ضحى الإسلام لأحمد أمين، ص208.

[7] البداية والنهاية، لابن كثير ج12/367.

[8] القرامطة، لمحمود شاكر، ص12، 20.

[9] انظر البداية والنهاية 8/204، وسير أعلام النبلاء 3/319، وطبقات ابن سعد.

 



مقالات ذات صلة