يتداول كثير من الناس في هذه الأيام منشورا مفاده أن الرافضة طعنوا في أم المؤمنين - رضي الله عنها - فأقام الله عليهم الحد بأيديهم .
ويقصدون بهذا أن عقوبة القذف الجلد وهم يجلدون أنفسهم .
وهذا غلط .
فعقوبة قاذف أم المؤمنين - رضي الله عنها - القتل لا الجلد .
وقد نُقِل الإجماع على ذلك .
قال هشام بن عمار: قال مالك :
[ من سبَّ أبا بكر جلد، ومن سب عائشة - رضي الله عنها قتل .
قيل له لم ؟
قال: من رماها فقد خالف القرآن ، لأن الله تعالى يقول فيها : { يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
فمن عاد لمثله فقد كفر ] .
رواه القرطبي في تفسيره ( 205/12 ) .
قال النوويُّ - رحمه الله - :
[ براءةُ عَائِشَة - رضي الله عنها - مِنَ الإفْك، وهي براءةٌ قطعية بنصِّ القرآن العزيز،
فلو تَشكَّك فيها إنسانٌ - والعياذ بالله - صار كافرًا مرتدًّا بإجماعِ المسلمين ] .
شرح النووي على مسلم (17-117) .
قال ابن كثير - رحمه الله - :
[ قد أجمع العلماء - رحمهم الله - قاطبة على أن مَنْ سَبَّها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ،
فإنه كافر؛
لأنه معاند للقرآن ،
وفي بقية أمهات المؤمنين قولان : أصحهما أنهن كهي ، والله أعلم ] .
تفسيرابن كثير (6-32) .
قال أبو بكر بن العربي المالكي - رحمه الله - :
[ إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله ،
فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ،
و من كذب الله فهو كافر ،
فهذا طريق قول مالك ، و هي سبيل لائحة لأهل البصائر
ولو أن رجلاً سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب ] .
أحكام القرآن لابن العربي (3-1356) ..
ونقل شيخ الإسلام عن جمع من أهل العلم قولهم بتكفير راميها بما برأها الله منه ، كما في كتابه ( الصارم المسلول ) .
وقال أيضا - رحمه الله – :
[ ذكر غير واحد من العلماء اتفاق الناس على أن من قذفها بما برأها الله تعالى منه فقد كفر؛ لأنه مكذب للقرآن ] .
الرد على البكري ( 340 ) .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
[ واتفقت الأمة على كفر قاذفها ] .
زاد المعاد (1-106) .
قال ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - :
[ ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ،
أفضلهم خديجة بن خويلد
وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة ،
فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم ] .
لمعة الاعتقاد ( 29 ) .
قال ابن بطة - رحمه الله - :
[ مبرأة طاهرة خيرة فاضلة وصاحبته في الجنة ، وهي أم المؤمنين في الدنيا والآخرة ،
فمن شك في ذلك ، أو طعن فيه ، أو توقف عنه :
فقد كذب بكتاب الله ، وشك فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزعم أنه من عند غير الله عز وجل، قال الله تعالى : { يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ،
فمن أنكر هذا فقد برئ من الإيمان ] .
الإبانة الصغرى ( 270 ) .
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - :
[ من قذف عائشة بالفاحشة
فقد جاء بكذب ظاهر واكتسب الإثم ، واستحق العذاب ،
وظن بالمؤمنين سوءاً وهو كاذب ، وأتى بأمر ظنه هيناً وهو عند الله عظيم ،
واتهم أهل بيت النبوة بالسوء ، ومن هذا الاتهام يلزم نقص النبي - صلى الله عليه وسلم - ] .
الرد على الرافضة ( 24 ) .
وقال شيخنا محمد بن عثيمين – رحمه الله - :
[ أجمع العلماء على أن من رمى أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بما جاء في حديث الإفك فإنه كافر مرتد ، كالذي يسجد للصنم فإن تاب وأكذب نفسه وإلا قتل كافرا لأنه كذب القرآن .
على أن الصحيح أن من رمى زوجة من زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا فإنه كافر لأنه متنقص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
كل من رمى زوجة من زوجات الرسول بما برأ الله منه عائشة فإنه يكون كافرا مرتدا
يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل بالسيف
وألقيت جيفته في حفرة من الأرض بدون تغسيل ولا تكفين ولا صلاة لأن الأمر خطير ] .
شرح رياض الصالحين (3-13) .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
جمعه : أبو عاصم نبيل التومي
الثلاثاء 10 من شهر الله المحرم لعام 1438هـ
الموافق للحادي عشر من شهر أكتوبر لعام 2016 من تاريخ الفرنجة .